الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }

ألم يَحِنْ للذين آمنوا أن تتواضعَ قلوبُهم وتلين لذِكْر اللَّهِ وللقرآنِ وما فيه من العِبَر؟ وألا يكونوا كالذين أوتوا الكتابَ من قبل؟ وأراد بهم اليهودَ، وكثيرٌ من اليهود فاسقون كافرون.

وأراد بطول الأمَدِ الفترةَ التي كانت بين موسى ونبيِّنا صلى الله عليه وسلم، وفي الخبر: " أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أَصابتهم ملالةٌ فقالوا: لو حَدّثْتنا ".

فأنزل اللَّهُ تعالى:ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ } [الزمر: 23]. فبعد مُدَّةٍ قالوا:

لو قَصَصْتَ علينا!

فأنزل اللَّهُ تعالى:نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ } [الكهف: 13] فبعد مدةٍ قالوا: لو ذَكَّرتَنا ووَعَظْتَنا!

فأنزل الله تعالى هذه السورة.

وفي هذه الآية ما يشبه الاستبطاء.

وإن قسوة القلب تحصل من اتباع الشهوة، والشهوة والصفة لا تجتمعان؛ فإذا حـَصَلت الشهوةُ رَحَلت الصفوة. وموجِبُ القسوة هو انحرافُ القلب عن مراقبة الربِّ. ويقال: موجب القسوة أوَّلُه خَطْرة - فإلمَّ تُتَداركْ صارت فكرة، وإلمّ تُتدَاركْ صارت عزيمة، فإن لم تُتَدَاركْ جَرَت المخالفة، فإن لم تُتداركْ بالتلافي صارت قسوةً وبعدئذ تصير طَبعاً ورَيْناً.