الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

{ ومَنْ يُولِّهم } منكم { يَوْمئذٍ } أى يوم إذ لقيتموهم مطلقا بدر أو غيره { دُبرهُ } خلفه، وسكن الحسن الباء والتفسير بالدبر بتشنيع على الفار { إلا مُتحرِّفاً } عنهم { لِقتالٍ } مجموع إلا والمنصوب بعد حال، أو هى الحال على أنها اسم ظهر إعرابها فى ما بعدها لكونها بصورة الحرف قولان فى مثله، أى ومن يولهم دبره غير متحرف، وصاحب الحال الضمير المستتر. وإن قلت إذا كان الحال على القول الأول مجموع إلا وما بعدها فما وجه النصب فيها بعدها. قلت لما لم يكن له إعراب على حدة، وكان اسما معربا احتاج إلى أن يكون على صورة ما سلط عليه العامل، فجئ به على صورة المنصوب، لأن محله مع إلا النصب، وعلى القولين فلا عمل إلا فى متحرفا وأحسن من ذلك أن يكون النصب على الاستثناء من الضمير المستتر، لأنه من حيث المعنى عام، قيل أو من مَنْ فالناصب له إلا، أو يؤول أو غيرهما مما ذكرته فى النحو، واللام للتعلل أو لشبه التمليك، وقيل بمعنى إلى، وقيل للتعدية أو متحيزا متفيعل من حاز يجوز، أصله متحيوز اجتمعت الياء والواو، وسكنت السابقة فقلبت الواو ياء، وأدغمت فيها الياء لا متفعل، وإلا قيل متحوزا ولا وجه لقول بعضهم استثناء المتحرف والمتحيز من أنواع التولى، لأنه لم يقل إلا متحرفا لقتال أو تحيزاً، إلا إن أراد الاستثناء المنقطع، ولأنه لا يستثنى من الفعل ولو صح المعنى بالنظر إلى معنى مصدره. { إلَى فئةٍ } جماعة حاضرة معه فى القتال قريبة منه ومعنى التحرف لقتال أن يتصور بصورة المنهزم فيعطف على من لحقه فيقتله، وذلك يكون بسبب تحصن العدو فلا يحد لقتله مدخلا، فإذا تهازم برز له، ولسبب أنه اجتمع عليه رجلان أو ثلاثة، فإذا تهازم لحقه أحدهما أو أحدهم فقط، فيقدر عليه، وكذا إذا اتبعوه ووصل إليه أحدهم قبل غيره، ولغير ذلك من الأسباب، وذلك باب من خدع الحرب. والتحيز إلى فئة أن ينضم بعد انفراد، أو من جماعة إلى جماعة من المسلمين يستعين بهم ويتقوى، وزعم بعضهم أن التحيز جائز ولو إلى فئة بعيدة غير حاضرة فى القتال لما قال الحسن عن عمر بن الخطاب، لما بلغه وهو فى المدينة أن أبا عبيدة بن الجراح وأصحابه قتلوا يوم القادسية رحم الله أبا عبيدة لو انحاز إلينا لكنا فئته، وكذا روى ابن سيرين، وزاد عن عمر إنا فئة كل مسلم. وعن عبد الله بن عمر " خرجت فى سارية ففروا، فلما دخلوا المدينة دخلوا البيوت حياء، فقلت يا رسول الله نحن الفرارون، فقال " بل أنتم العكارون - أى الكرارون - وأنا فئتكم "

السابقالتالي
2