الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ ٱللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

{ قُل لّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ } كرر ذكرهم بهذا العنوان مبالغة في الذم وإشعاراً بشناعة التخلف { سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } ذوي نجدة وشدة قوية في الحرب، وهم على ما أخرج ابن المنذر والطبراني عن الزهري بنو حنيفة، مسيلمة وقومه أهل اليمامة، وعليه جماعة، وفي رواية عنه زيادة أهل الردة وروي ذلك عن الكلبـي، وعن رافع بن خديج إنا كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى ولا نعلم من هم حتى دعا أبو بكر رضي الله تعالى عنه إلى قتال بني حنيفة فعلمنا أنهم أريدوا بها، وعن عطاء بن أبـي رباح ومجاهد في رواية وعطاء الخراساني وابن أبـي ليلى هم الفرس، وأخرجه ابن جرير والبيهقي في «الدلائل» وغيرهما عن ابن عباس، وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج أنه قال في الآية: دعا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لقتال فارس أعراب المدينة جهينة ومزينة الذين كان النبـي صلى الله عليه وسلم دعاهم للخروج إلى مكة، وقال عكرمة وابن جبير وقتادة: هم هوازن ومن حارب الرسول صلى الله عليه وسلم في حنين، وفي رواية ابن جرير وعبد بن حميد عن قتادة التصريح بثقيف مع هوازن، وفي رواية الفريابـي وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال: هم هوازن وبنو حنيفة، وقال كعب: هم الروم الذي خرج إليهم صلى الله عليه وسلم عام تبوك والذين بعث إليهم في غزوة موتة، وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال: هم فارس والروم، وأخرج ابن أبـي حاتم عن أبـي هريرة قال: البارز يعني الأكراد كما في «الدر المنثور»، وأخرج ابن المنذر والطبراني في «الكبير» عن مجاهد قال: أعراب فارس وأكراد العجم، وظاهر العطف أن أكراد العجم ليسوا من أعراب فارس، وظاهر إضافة أكراد إلى العجم يشعر بأن من الأكراد ما يقال لهم أكراد العرب، ولا نعرف هذا التقسيم وإنما نعرف جيلاً من الناس يقال لهم / أكراد من غير إضافة إلى عرب أو عجم.

وللعلماء اختلاف في كونهم في الأصل عرباً أو غيرهم فقيل: ليسوا من العرب، وقيل منهم، قال القاضي شمس الدين أحمد بن محمد بن خلكان في ترجمة المهلب بن أبـي صفرة ما نصه: حكى أبو عمر بن عبد البر صاحب كتاب «الاستيعاب» في كتابه «القصد والأمم في أنساب العرب والعجم» أن الأكراد من نسل عمرو مزيقياء بن عامر بن ماء السماء وأنهم وقعوا إلى أرض العجم فتناسلوا بها وكثر ولدهم فسموا الأكراد، وقال بعض الشعراء في ذلك وهو يعضد ما قاله ابن عبد البر:
لعمرك ما الأكراد أبناء فارس   ولكنه كرد بن عمرو بن عامر

السابقالتالي
2 3 4 5