الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ }

فإن قلت { مَّن لاَّ يَخْلُقُ } أريد به الأصنام، فلم جيء بمن الذي هو لأولي العلم؟ قلت فيه أوجه، أحدها أنهم سموها آلهة وعبدوها، فأجروها مجرى أولي العلم. ألا ترى إلى قوله على أثرهوَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ } النحل 20 والثاني المشاكلة بينه وبين من يخلق. والثالث أن يكون المعنى أنّ من يخلق ليس كمن لا يخلق من أولي العلم، فكيف بما لا علم عنده كقولهأَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا } الأعراف 195 يعني أنّ الآلهة حالهم منحطة عن حال من لهم أرجل وأيد وآذان وقلوب، لأنّ هؤلاء أَحياء وهم أموات، فكيف تصح لهم العبادة؟ لا أنها لو صحت لهم هذه الأعضاء لصحّ أن يعبدوا. فإن قلت هو إلزام للذين عبدوا الأوثان وسموها آلهة تشبيهاً بالله، فقد جعلوا غير الخالق مثل الخالق، فكان حق الإلزام أن يقال لهم أفمن لا يخلق كمن يخلق؟ قلت حين جعلوا غير الله مثل الله في تسميته باسمه والعبادة له وسوّوا بينه وبينه، فقد جعلوا الله تعالى من جنس المخلوقات وشبيهاً بها، فأنكر عليهم ذلك بقوله { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ }.