الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }

قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ }: فيه ستة أوجه، أحدها: أنه مبتدأ، وخبره قوله: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ }. وقال مكيّ هنا: " وخبرُه { مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ } ". وهذا غلطٌ لأنَ هذا ليس بمفيد البتة، بل " مِنْ بعد " متعلِّقٌ باستجابوا. والثاني: خبر مبتدأ مضمر أي: هم الذين. والثالث: أنه منصوبٌ بإضمار " أعني ". وهذان الوجهان يَشْملُهما قولُك " القطع ". الرابع: أنه بدل من " المؤمنين ". الخامس: أنه بدل من " الذين لم يلحقوا " قاله مكي. السادس: أنه بدلٌ من " المؤمنين ". ويجوز فيه وجهٌ سابع: وهو أن يكون نعتاً لقوله: " الذين لم يلحقوا " قياساً على جَعْلِه بدلاً منهم عند مكي. و " ما " في " بعدما أصابَهم " مصدريةٌ، و " للذين أحسنوا " خبرٌ مقدم.

و " منهم " فيه وجهان، أحدُهما: أنه حالٌ من الضمير في " أحسنوا " وعلى هذا فـ " مِنْ " تكون تبعيضيةً. والثاني: أنها لبيان الجنس. قال الزمخشري: " مثلُها في قوله:وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم } [الفتح: 29] لأنَّ الذين استجابوا قد أحسنوا كلُّهم واتقوا لا بعضُهم ". و " أجرٌ " مبتدأ مؤخر، والجملة من هذا المبتدأ وخبره: إمَّا مستأنفة أو حالٌ إن لم نُعْرِبْ الذين استجابوا مبتدأ، وإمَّا خبرٌ إنْ أعربناه مبتدأ كما تقدَّم تقريره.