الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ }

فقوله تعالى: { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ } بدل منٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ } [آل عمران: 172] أو صفة، والمراد من الناس الأول: ركب عبد قيس، ومن الثاني: أبو سفيان ومن معه فأل فيهما للعهد والناس الثاني غير الأول. / وروي عن مجاهد. وقتادة. وعكرمة. وغيرهم أنهم قالوا: والخبر متداخل نزلت هذه الآيات في غزوة بدر الصغرى، وذلك " أن أبا سفيان قال يوم أحد حين أراد أن ينصرف: يا محمد موعد ما بيننا وبينك موسم بدر القابل إن شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك بيننا وبينك إن شاء الله تعالى فلما كان العام المقبل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة من ناحية مر الظهران، وقيل: بلغ عسفان فألقى الله تعالى عليه الرعب فبدا له الرجوع فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قدم معتمراً فقال له أبو سفيان: إني واعدت محمداً وأصحابه أن نلتقي بموسم بدر وأن هذه عام جدب ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن وقد بدا لي وأكره أن يخرج محمد ولا أخرج أنا فيزيدهم ذلك جرأة فالحق المدينة فتثبطهم ولك عندي عشرة من الإبل أضعها على يدي سهيل بن عمرو فأتى نعيم المدينة فوجد الناس يتجهزون لميعاد أبـي سفيان فقال لهم: بئس الرأي رأيكم أتوكم في دياركم وقراركم فلم يفلت منكم إلا شريد فتريدون أن تخرجوا إليهم وقد جمعوا لكم عند الموسم فوالله لا يفلت منكم أحد فكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لأخرجن ولو وحدي» فخرج ومعه سبعون راكباً يقولون: حسبنا الله ونعم الوكيل حتى وافى بدراً فأقام بها ثمانية أيام ينتظر أبا سفيان وقد انصرف أبو سفيان ومن معه من مجنة إلى مكة فسماهم أهل مكة جيش السويق يريدون أنكم لم تفعلوا شيئاً سوى شرب السويق ولم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً من المشركين فكر راجعاً إلى المدينة " ، وفي ذلك يقول عبد الله بن رواحة أو كعب بن مالك:
وعدنا أبا سفيان وعداً فلم نجد   لميعاده صدقاً وما كان وافياً
فأقسم لو وافيتنا فلقيتنا   لأبت ذميماً وافتقدت المواليا
تركنا به أوصال عتبة وابنه   وعمراً أبا جهل تركناه ثاوياً
عصيتم رسول الله أف لدينكم   وأمركم الشيء الذي كان غاوياً
وإني وإن عنفتموني لقائل   فدى لرسول الله أهلي وماليا
أطعناه لم نعدله فينا بغيره   شهاباً لنا في ظلمة الليل هادياً
فعلى هذا المراد من الناس الأول نعيم، وأطلق ذلك عليه كما يطلق الجمع واسم الجمع المحلى بأل الجنسية على الواحد منه مجازاً كما صرحوا به، أو باعتبار أن المذيعين له كالقائلين لهم لكن في كون القائل نعيماً مقال.

السابقالتالي
2 3 4