الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلْكِتَابِ وَٱلنَّبِيِّينَ وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلاةَ وَآتَى ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَٱلصَّابِرِينَ فِي ٱلْبَأْسَآءِ وٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ }

{ لَيْسَ الْبِرَّ } الطاعة والإحسان { أَنْ تُوَلُّواْ } فقط للصلاة وتصلوا، بل مع ذلك الإيمان بالله، واليوم الآخر، والملائكة، والكتاب، والنبيين، وإيتاء المال على حبه، والإتيان بالصلاة وإيتاء الزكاة والوفاء بالعهد، والصبر فى البأساء والضراء وحين البأس، { وُجُوهَكُمْ } أيها المؤمنون، والتعريف للحصر، وأل للجنس أو للعهد، بمعنى ليس البر العظيم الذى أكثرتم الخوض فيه، وقيل الخطاب لهم ولأهل الكتاب { قِبَلَ الْمَشْرِقِ } كما إذا كنتم غرب مكة { وَالْمَغْرِبِ } كما إذا كتم شرقها، وكما كنتم تصلون إلى المغرب قبل تحويل القبلة إلى الكعبة، فإن بيت المقدس غرب المدينة، فإن الشمس تغرب إليه فى أطول الصيف، وما يلى أطواله فذلك المغرب، وليس كما قيل إنه شمال المدينة، ولم يذكر الجهات الأخرى اكتفاء بذكر المشرق والمغرب على طريق التمثيل لا التقييد، لأن من اهل الجهات من يستقبل ما بينهما، وقدم المشرق مع أنه قبلة المتأخرين، وهم النصارى، لتقدم شروق الشمس على غروبها { وَلَكِنَّ الْبِرَّ } الإحسان الكامل، من آمن بالله، مبالغة كقولك زيد عدل، فهو خبر، ومن مبتدأ، أو بالعكس، وهو أشد مبالغة كمن قال: الصوم هو زيد، وأل للجنس أو العهد، أو لكن البار، والأصل البارر، نقلت كسرة الراء للياء، وحذفت الألف قصداً لكون الراء بسلب حركتها، وأدغمت فى الراء، ولا حذف مضارف فى ذلك، ولا تأويلا بالوصف، لكن فيه تكلف، أو هو مصدر بمعنى اسم الفاعل، أو يبقى على مصدريته ويقدر مضاف فيه، أى ولكن والبر أو فى قوله { مَنْ ءَامَنَ } أى بر من آمن { بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَالْمَلَٰئِكَةِ وَالْكِتَٰبِ } أى من الكتب كلها، كما قال صلى الله عليه وسلم " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله " ، أو القرآن، لأنه الذى أنكره أهل الكتاب، وأنه المقصود بالدعوة، وأنه أكمل الكتب، والإيمان به يستلزم الإيمان بجميع الكتب، لأنه مصدق لما بين يديه، وقيل التوراة ولا قرينة له، وهى لا توجب الإيمان إلا بتوسط اشمالها على القرآن المستلزم لذلك { وَالنَّبِيِّينَ } وهذا كله موجود فى المؤمنين قبل نزول الآية، فمحط الكلام قوله { وَءَاتَى الْمَالَ } الخ وما كان فيهم من بعض صفة فقد أمروا بتجويدها. أو الخطاب فى تولوا وجوهكم لليهود النصارى، رد على اليهود إذ قالوا البر استقبال المقدس، وعلى النصارى إذ قالوا البر استقبال مطلع الشمس، وأل فى البر للجنس، ولا حصر فى الآية { عَلَى حُبِّهِ } مع حب صاحب المال، فالهاء لمن، والمفعول محذوف أى مع حبه المال، أو مع حب المال، فالهاء للمال، وَالفاعل محذوف، ومحبه مؤتيه أو الناس، وحبه لجودته أو لقلته، أوَ على حبه على حب الله، فالهاء للمال، أو لصاحبه المؤتى، أو لله سبحانه، أو للإيتاء المفهوم من آتى، وَالتقييد بقوله على حبه للتكميل، وَقال صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3 4