الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ }؛ وقال ابنُ عباس: (مَعْنَاهُ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا لِجَهَنَّمَ أهْلاً)، { لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا }؛ الْخَيْرَ، { وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا }؛ الْهْدَى، { وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ }؛ الْحَقَّ، { أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ }؛ في المأْكَلِ والْمَشْرَب، والذِّهنِ لا في الصُّوَرِ، { بَلْ هُمْ أَضَلُّ }؛ لأنَّ الأنعامَ مطيعةٌ لله تعالى، والكافرَ غيرُ مطيعٍ. وقولهُ تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ }؛ أي عن ما ينفعَهُم وعن ما يحِلُّ لهم في الآخرةِ.

وَقِيْلَ: إنَّ اللامَ في قوله: { لِجَهَنَّمَ } لامُ العاقبةِ، يعني أنَّ عاقبَتهم إلى المصيرِ إلى جهَّنم، وهذا كما قال تعالى:فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [القصص: 8] أي كان عاقبَتُهم أن صارَ لهم عدوّاً وإلاّ فهُم التقطوهُ ليكون لهم قُرَّةَ عَيْنٍ، كما قال تعالى:وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ } [القصص: 9]، ويقال:
لِدُّوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لْلِخْرَابِ   
قال الشاعرُ:
أمْوَالُنَا لِذوي الْمِيْرَاثِ نَجْمَعُهَا   وَدُورُنَا لِخَرَاب الدَّهْر نَبْنِيهَا
وقال آخرُ:
ألاَ كُلُّ مَوْلُودٍ فَلِلْمَوْتِ يُولَدُ   وَلَسْتُ أرَى حَيّاً لِحَيٍّ يُخَلَّدُ
وقال آخرُ:
ولِلْمَوْتِ تَغْذُوا الْوَالِدَاتُ سِخَالَهَا   كَمَا لِخَرَابِ الدَّهْر تُبْنَى الْمَسَاكِنُ
وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآيةِ قال: " إنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا ذرَأ لِجَهَنَّمَ مَا ذرَأ، كَانَ وَلَدُ الزِّنَا مِمَّنْ ذرَأ لِجَهَنَّمَ "