الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ } أصلها: المتصدقين والمتصدقات، فأدغمت التاء في الصاد.

وقرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم: بتخفيف الصاد فيهما، بمعنى: إن المؤمنين والمؤمنات.

قال أبو علي: من حجة من شدّد أنهم زعموا: أن في قراءة أبيّ: " إنَّ المتصدقين والمتصدقات " ، ومن حجتهم: أن قوله: { وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } اعتراضٌ بين الخبر والمخبر عنه، والاعتراض بمنزلة الصفة، فهو للصدقة أشدّ [ملاءمةً] منه للتصديق.

ومن حجة من خفَّفَ: أن " المُصَدِّقين " أعمّ من " المتصدِّقين " ، فهو أذهب في باب المدح، والعطف بقوله: { وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ } على معنى الفعل في المصدقين؛ لأن اللام بمعنى: الذين، واسم الفاعل بمعنى: اصدقوا، كأنه قيل: إن الذين اصدّقوا وأقرضوا.

{ يُضَاعَفُ لَهُمْ } وقرأ ابن عامر وابن كثير: " يُضَعَّفُ " بتشديد العين من غير ألف. وقد ذكرنا تفسير ذلك في البقرة.

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } مبتدأ، خبره: { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ }.

قال مجاهد: كُلُّ من آمن بالله ورسوله فهو صِدِّيق، ثم قرأ هذه الآية.

ثم استأنف كلاماً آخر فقال: { وَٱلشُّهَدَآءُ } وهو جمع شاهد، أو شهيد.

وهم الأنبياء، في قول ابن عباس، ومسروق، والكلبي، في آخرين.

وقال مقاتل بن سليمان ومحمد بن جرير: هم الذين قتلوا في سبيل الله.

ثم أخبر عن حال الشهداء فقال: { عِندَ رَبِّهِمْ } يعني: أنهم في جنة مخصوصة بهم في جوار ربهم عز وجل.

ويجوز أن يكون الخبر: { لَهُمْ أَجْرُهُمْ } ، على معنى: والشهداء في حكم ربهم لهم أجرهم الذي هو أجرهم المخصوص بهم، { وَنُورُهُمْ }.

وقال قوم: الواو في قوله: " والشهداء " واو النَّسق. والمعنى: أولئك هم الصديقون، وهم الشهداء عند ربهم.

قال ابن مسعود: كلُّ مؤمن صِدِّيقٌ شهيد.

وقال غيره: يشهدون لأنبيائهم بتبليغ الرسالة.

وقال الضحاك: نزلت في ثمانية نفر سبقوا أهل زمانهم إلى الإسلام: أبو بكر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وزيد، وحمزة بن عبد المطلب، وتاسعهم عمر بن الخطاب، ألحقه الله بهم؛ لما عَرَفَ من صِدْق نيته.