الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } انَّ الله تعالى نجر إلا ستارين هٰهنا بكتمان المكاشفات وحقائق الواردات ووقائع المغيبات عن الطالبين لان اصل السخاء تخليص المتحيرين عن درك الامتحان وارشادهم الى طريق العرفان واى سخاء اعظم من اظهار مواهب الله على المريدين لاستزاد محتبهم وجه الله سبحانه واستكبار شوقهم الى جماله وتحبيبهم اعمالهم وعبوديته وتصديق ذلك قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلموَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } ومن كان تطيق ما ذكرنا من اراداة الخير على طلاب الله كيف لا يطيق بذل نفسه وماله وروحه فى طريق الحق فداء لاولياء الله لانهم معدن السخاء والسخاء منهم يتشعب والسخاء بالمال وصف المريدين وبالنفس وصف المحبين وبالروح وصف العارفين والبخل بجميع الاشياء اعمى النفس الامارة عن رؤية منن بحار القدم والسخاء انفتاح عين القلب على ذخائر القدرة وكنوز الالوهية المملوءة من الالاء والنعماء ومباشرة تجلى الوهابية الازلية السرمدية قلوب الصديقين العاشقين وتلك الجبلة جبلة الاولياء ليس للاعداء فيها نصيب كما روى النبى صلى الله عليه وسلم " ما جبل ولى الله الا على السخاء والذى نبأنا الله من اخبار اليهود " ودليل على ما ذكرنا انهم سرقوا نعت النبى صلى الله عليه وسلم الذى وصف الله نبيه فى التوراة والانجيل وهذا الكتمان اصل البخل فمن كان فى الدنيا محجوبا بالمال عن مقام السخاء والتخلق بوصف الله سبحانه من الغنى والعطاء بقى فيه ذلك الحجاب الى الابد ويكون متفضحا فى الدنيا والاخرة مشهورا بعلامة اللؤم وسمة البعد وذلك قوله تعالى { سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } المفلسين حيث وصف نفسه ببقائه مع ملكه القديم بعد فناء خلقه وانقطاعهم عن مأمولهم بقوله { وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } اى انا صاحب المواهب السنية اجازى بها المنفقين وجودهم فى طريقى واعطيهم ما لم يؤت احداً من العالمين قال ابن عطاء السلوك فى طريق الحق على السخاء واجتناب البخل وهو بذل النفس والمال والسر والروح والكل ومن بخل بشئ فى طريق الحق حجب به وبقى معه ومن نظر فى طريق الحق الى الغير حرم فوائد الحق وسواطع انوار القرب.