الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

اللغة: أيّان معناه متى وهو سؤال عن الزمان على وجه الظرف للفعل قال الشاعر:
أَيّانَ تَقْضِي حاجَتي أَيّانا   أَمـــا تَرى لِنُجْحِها إبَّانا
والساعة ههنا الساعة التي يموت فيها الخلق والإرساء الإثبات ومرسيها مثبتها ورسا الشيء يرسو فهو راس إذا ثبت وأرساه غيره والحفي المستقصي في السؤال وأحفى فلان بفلان في المسألة إذا أكثر عليه وألح قال الأعشى:
فَإنْ تَسْأَلي عَنّي فَيا رُبَّ سائِلٍ   حَفيٍّ عَن الأَعْشى بِهِ حَيْثُ أَصْعَدا
ومنه أحفى شاربه إذا استقصى أخذه وحفيت الدابة تحفى حفى مقصوراً إذا كثر عليها ألم المشي والحفاء ممدوداً المشي بغير نعل. الإعراب: الكاف في يسألونك المفعول الأول وعن الساعة في موضع المفعول الثاني وأيان مرساها يتعلق بمدلول السؤال والتقدير قائلين أيان مرساها. مرساها في موضع رفع بالابتداء وأيان خبره وبغتة مصدر في موضع الحال من الضمير في تأتيكم. النزول: قيل جاء قوم من اليهود فقالوا يا محمد أخبرنا عن الساعة متى هي إن كنت نبيّاً فنزلت الآية عن ابن عباس. وقيل: قالت قريش يا محمد متى الساعة فنزلت الآية عن قتادة والحسن. المعنى: لما تقدم الوعيد بالساعة سألوا عن وقتها فقال تعالى { يسألونك } يا محمد { عن الساعة } وهي الساعة التي يموت فيها الخلق عن الزجاج. وقيل: هي القيامة وهو وقت قيام الناس في الحشر عن أكثر المفسرين. وقيل: هو وقت فناء الخلق عن الجبائي { أيان مرساها } أي متى وقوعها وكونها عن الزجاج. وقيل: مرساها منتهاها عن ابن عباس. وقيل: قيامها عن قتادة والسدي. { قل } يا محمد { إنما علمها عند ربي } أي إنما علم وقت قيامها ومجيئها عند الله تعالى لم يطلع عليه أحد من خلقه وإنما لم يخبر سبحانه بوقتها ليكون العباد على حذر منه فيكون ذلك أدعى لهم إلى الطاعة وأزجر عن المعصية { لا يجليها لوقتها إلا هو } أي لا يظهرها ولا يكشف عن علمها ولا يبين وقتها إلا هو فلا يعلم أحد سواه متى يكون قبل وقتها. وقيل: معناه لا يأتي بها إلا هو عن مجاهد. { ثقلت في السماوات والأرض } ذكر فيه وجوه: أحدها: ثقل علمها على أهل السماوات والأرض لأن من خفي عليه علم شيء كان ثقيلاً عليه عن السدي وغيره قال أبو علي الفارسي: أصل هذا قولـهم أحطت به علماً أي ذل لي فصرت لعلمي به غالباً عليه فخفَّ علي ولم يثقل كما يثقل ما لا تعلمه عليك. وثانيها: أن معناه عظمت على أهل السماوات والأرض صفتها لما يكون فيها من انتثار النجوم وتكوير الشمس وتسيير الجبال وغير ذلك عن الحسن وابن جريج. وثالثها: ثقل وقوعها على أهل السماوات والأرض لعظمها وشدتها ولما فيها من المحاسبة والمجازاة عن الجبائي وأبي مسلم وجماعة.

السابقالتالي
2