الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } * { أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } * { وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ } * { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ }

قوله تعالى: { ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ } قرأ ابن عامر وأهل الكوفة: " أأمنتم " بتحقيق الهمزتين، والباقون بتحقيق الأولى وتليين الثانية، إلا [ما] روي عن قنبل عن ابن شنبوذ من قلب همزة الاستفهام واواً لانضمام ما قبلها، وهو الراء، وتليين الثانية بين بين، وابن شنبوذ كذلك إلا أنه [يحقق] الهمزة الثانية. وفَصَلَ بين الهمزتين بألفٍ: قالون وأبو عمرو، وترك الفصل: ابن كثير غير من ذكرته عن قنبل ووَرْش.

قال ابن عباس: أمنتم عذاب مَنْ في السماء، وهو الله عز وجل.

قال الثعلبي: واعلم أن الآيات والأخبار الصحاح في هذا الباب كثيرة، وكلُّها إلى العلو مشيرة، ولا يدفعها إلا مُلحدٌ جاحد، أو جاهلٌ معاند.

ومن المواضع التي سُلب فيها الزمخشري التوفيق، وقاده إليها شؤم بدعته، قوله هاهنا: كانوا يعتقدون التشبيه، وأن الله في السماء، وأن العذاب والرحمة ينزلان منه، وكانوا [يدعونه] من جهتها، فقيل لهم على حسب اعتقادهم: أأمنتم من تزعمون أنه في السماء.

وهذا الهذيان الذي رام به جحد النص الجليّ أقلُّ من [أن] يُتعرّض له برَدٍّ وإبطال.

وقد قررنا وأثبتنا صفة العلو لله تعالى في مواضع من هذا الكتاب.

قوله تعالى: { فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } قال مقاتل: تدور بكم إلى الأرض السفلى.

وقد سبق ذكر " الحاصب ".

{ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } أي: إذا رأيتم المنذَر به تعلمون كيف إنذاري حين لا ينفعكم العلم.

قوله تعالى: { صَـٰفَّـٰتٍ } أي: باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها، { وَيَقْبِضْنَ } بعد البسط، وهذا معنى الطيران، وهو بسط الجناح وقبضُه بعد البسط، { مَا يُمْسِكُهُنَّ } أن يقعن { إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ } بقدرته، [وبما] رَكَّبَ لهنّ من القَوَادِم [والخَوَافِي]، ودبّر فيهن من الخصائص والأشكال التي ينفعل عنها الطيران.