الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } * { وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُواْ بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } * { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ } * { ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } * { أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } * { وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ } * { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ } * { أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ مِّن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنِ ٱلْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ } * { أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّواْ فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ }

القراءة: قرأ ابن كثير النشور وأمنتم وقرأ أبو جعفر ونافع وأبو عمرو ويعقوب بهمزة واحدة ممدودة وهو تحقيق الهمزة الأولى وتخفيف الثانية بأن تجعل بين بين وقرأ الباقون أأمنتم بهمزتين. الحجة: أما الأول فهو تخفيف الهمزة الأولى بأن جعلت واواً وهذا في المنفصل نظير قولهم في المتصل التُؤَدة وجُوَن في جمع جؤنة فأما الهمزة التي هي فاء من قولهم أأمنتم بعد تخفيف الأولى بقلبها واواً فإنه يجوز فيه التحقيق والتخفيف فإن حقَّق كان لفظه النشور وأمنتم وإن خفف كان القياس أن تجعل بين بين أعني بين الألف والهمزة لتحركها بالفتحة ومن قال:
لا هَـنـــاكِ المَـرْتَـــعُ   
وقلبها ألفاً كان القياس أن يقول هنا النشور وأمنتم بقلبها ألفاً محضة وسيبويه يجيز هذا القلب في الشعر وغير حال السعة وكان قياس قول أبي عمرو على ما حكاه عنه سيبويه من أنه إذا اجتمع همزتان خفف الأولى منهما دون الثانية أن يقلب الأولى منهما هنا واواً كما فعله ابن كثير فأما الثانية فإن شاء حقَّقها وإن شاء خفَّفها وتخفيفها أن تجعل بين الهمزة والألف ولعل أبا عمرو ترك هذا القول في هذا الموضع فأخذ فيه بالوجه الآخر وهو تخفيف الثانية منهما إذا التقتا دون الأولى. اللغة: اللطف من الله الرأفة والرحمة والرفق واللطيف الرفيق بعباده يقال لطف به يلطف لطفاً إذا رفق به والذلول من المراكب ما لا صعوبة فيه ومناكب الأرض ظهورها ومنكب كل شيء أعلاه وأصله الجانب ومنه منكب الرجل والريح النكباء والنشور الحياة بعد الموت يقال نشر الميت ينشر نشوراً إذا عاش وأنشره الله أحياه قال الأعشى:
حَتّى يَقُولَ النَّاسُ مِمّا رَأَوْا   يا عَجَبـاً لِلْمَيـِّــتِ النَّاشِـرِ
وأصله من النشر ضد الطي والحاصب الحجارة التي ترمي بها كالحصباء وحصبه بالحصاة يحصبه حصباً إذا رماه بها ويقال للذي يرمي به حاصب أي ذو حصب. الإعراب: { بالغيب } في موضع نصب على الحال { ألا يعلم من خلق } فيه وجوه أحدها: أن يكون من خلق في موضع رفع بأنه فاعل يعلم والتقدير ألا يعلم من خلق الخلق ضمائر صدورهم الثاني: أن يكون من خلق في موضع نصب بأنه مفعول به وتقديره ألا يعلم الله من خلقه والثالث: أن يكون من استفهاماً في موضع نصب بأنه مفعول خلق وفاعل خلق الضمير المستكن فيه العائد إلى الله تعالى والأول أصح الوجوه وقوله { أن يخسف بكم الأرض } في موضع نصب بأنه بدل من في قوله { من في السماء } وهو بدل الاشتمال { فإذا هي تمور } إذا ظرف المفاجأة وهو معمول. قوله { وهي تمور } جملة في موضع نصب على الحال من يخسف بكم الأرض وذو الحال الأرض وأن يرسل بدل أيضاً مثل قوله { أن يخسف } وقوله { كيف نذير } مبتدأ وخبر والخبر مقدم والجملة متعلقة بقوله { فستعلمون } والتقدير فستعلمون محذور إنذاري أم لا وقوله { فكيف كان نكير } كيف هنا خبر كان وقوله { ويقبضن } معطوف على صافات وإنما عطف الفعل على الاسم ومن الأصل المقرر أن الفعل لا يعطف إلا على الفعل كما أن الاسم لا يعطف إلا على الاسم لأنه وإن كان فعلاً فهو في موضع الحال فتقديره تقدير اسم فاعل وصافات حال فجاز أن يعطف عليه فكأنه قال صافات وقابضات وقد جاء مثل هذا في الشعر قال:

السابقالتالي
2 3 4