الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير/ د. أسعد حومد (ت 2011م) مصنف و مدقق


{ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }

{ أوْلَـٰئِكَ } { أَعْمَالَهُمْ }

(19) - وَهُمْ بُخَلاء شَحِيحُونَ، لاَ يَمُدُّونَ المُؤْمِنِينَ بِالنَّفَقَةِ وَالمَالِ، وَلا يُقَدِّمُونَ لَهُمُ العَوْنَ والنُّصْرَةَ بالنَّفْسِ. فَإِذَا بَدَأَتِ الحَرْبُ، والتَحَمَ المُقَاتِلُونَ رَأَيْتَهُمْ وَقَدِ اعْتَراهُم الخَوْفُ والهَلَعُ يَنْظُرُونَ إِليكَ يَا مُحَمَّدُ وَأَعْيُنُهُمْ تَدُورَ خَوْفاً وَفَرَقاً، كَدَوَرانِ عَيْنِ الذِي غَشِيَهُ المَوْتُ، وَقَرُبَ مِنْهُ، فَتَجْمدُ عَيْنُهُ وَلا تَطْرِفُ.

أَمَّا إِذَا ذَهَبَ الخَوْفُ وَأَسْبَابُهُ، وَعَادَ الأَمْنُ إِلى النُّفُوسِ، فَإِنَّهُمْ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ، وَيَتَكَلَّمُونَ عَنِ النَّجْدَةِ والشَّهَامَةِ، والبُطُولاتِ التي أَظْهَرُوها في مَيدَانِ المَعْرَكَةِ، وَهُمْ في هذا كَاذِبُونَ. وَإِذا ظَهَرَ المُؤْمِنُونَ في الحَرْبِ فهُمْ بُخَلاَءُ حَرِيصُونَ عَلَى أَلاَّ يَفُوتَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ المَغَانِمِ، فَهُمْ حِينَ البَأْسِ جُبَنَاءُ، وَحِينَ الغَنِيمَةِ أَشِحَّاءٌ (وَقيلَ بَلِ المَعْنَى هُو: فَإِذا ذَهَبَ الخَوْفُ بَالَغُوا فِي شَتْمِكُمْ وَذَمِّكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ مَشْحُوذَةٍ قَاطِعَةٍ).

وَهؤُلاءِ، الذِينَ بَسَطَ اللهُ تَعَالى أَوْصَافَهُمْ، لَمْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ إِيمَاناً صَادِقاً، وَلَمْ يُخْلِصُوا العَمَلَ لأَنَّهُمْ أهْلُ نِفَاقٍ فَأَهْلَكَ اللهُ أَعْمَالَهُمْ، وَأَبْطَلَها، وَأَذْهَبَ ثَوَابَها وَأُجُورَها، وَجَعَلَهَا هَبَاءً مَنْثُوراً، وَكَانَ إِحْبَاطُ أَعْمَالِهِمْ أَمراً يَسِيراً عَلَى اللهِ.

يُغْشَى عَلَيهِ مِنَ المَوْتِ - تُصِيبُهُ عَشْيَةٌ مِنْ سَكَراتِ المَوْتِ.

سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ - اسْتَقْبَلُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ.

أَشِحَّةً على الخَيْرِ - لَيْسِ فِيهِمْ خَيْرٌ، جَمَعُوا الجُبْنَ وَالكَذِبَ، وَالحِرْصَ وَقِلَّةَ الخَيْرِ.