الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { لاَ يَغُرَّنَّكَ }؛ أي لا يُحزِنُكَ ولا يُعْجِبُكَ، { تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ }؛ إمتدادُ هذه الآيةِ خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ والمرادُ به أصحابَه؛ كأَنَّهُ قالَ: لاَ يَغُرَّنَّكَ أيُّهَا السامعُ ذهابَ اليهودِ ومجيئَهم في تجاراتِهم ومكاسبهم في الأرضِ؛ منفعةٌ يسيرةٌ في الدُّنيا تنقطعُ وتفنى؛ { ثُمَّ مَأْوَاهُمْ }؛ مصيرُهم إلَى؛ { جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }؛ أي بئْسَ الفراشُ النارُ.

وقيل: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يغرُّه شيءٌ لتحذيرِ الله إيّاه عن الاغترار بشيء وتأديبُه إيَّاه. وقيل: نزلت في مشركِي العرَب؛ كانوا في رَخَاءٍ من العيشِ، وكانُوا يَنْحَرُونَ ويتنعَّمون، فقال بعضُ المؤمنينَ: إن أعداءَ الله فيمَا نَرَى من الخيرِ؛ ونحنُ قد هَلَكْنَا من الجوعِ والجهدِ، فَنَزلتْ هذه الآيةُ.

وقرأ يعقوب: (لاَ يَغُرَّنْكَ) بإسكانِ النون. قَوْلُهُ تَعَالَى: { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } أي تصرُّفهم في الأرضِ للتجَارات والبياعَات وأنواعِ المكاسب. وقوله: { مَتَاعٌ قَلِيلٌ } أي متاعٌ قليلٌ فَانٍ. قال النخعيُّ: (إنَّ الدُّنْيَا جُعِلَتْ قَلِيْلاً؛ وَمَا بَقِيَ مِنْهَا إلاَّ قَلِيْلٌ مِنْ قَلِيْلٍ).