الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { أَنِ ٱعبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ } * { يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }

يقول تعالى مخبراً عن نوح عليه السلام أنه أرسله إلى قومه آمراً له أن ينذرهم بأس الله قبل حلوله بهم، فإن تابوا وأنابوا، رفع عنهم. ولهذا قال تعالى. { أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّى لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أي بين النذارة، ظاهر الأمر واضحه، { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ } ، أي اتركوا محارمه، واجتنبوا مآثمه { وَأَطِيعُونِ } فيما آمركم به، وأنهاكم عنه { يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } أي إذا فعلتم ما آمركم به، وصدقتم ما أرسلت به إليكم، غفر الله لكم ذنوبكم، و من ههنا قيل إنها زائدة، ولكن القول بزيادتها في الإثبات قليل، ومنه قول بعض العرب قد كان من مطر، وقيل إنها بمعنى عن تقديره يصفح لكم عن ذنوبكم، واختاره ابن جرير وقيل إنها للتبعيض، أي يغفر لكم الذنوب العظيمة التي وعدكم على ارتكابكم إياها الانتقام { وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى } أي يمد في أعماركم، ويدرأ عنكم العذاب الذي إن لم تجتنبوا ما نهاكم عنه، أوقعه بكم، وقد يستدل بهذه الآية من يقول إن الطاعة والبرّ وصلة الرحم يزاد بها في العمر حقيقة كما ورد به الحديث " صلة الرحم تزيد في العمر " وقوله تعالى { إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي بادروا بالطاعة قبل حلول النقمة فإنه إذا أمر تعالى بكون ذلك، لا يرد ولا يمانع، فإنه العظيم الذي قد قهر كل شيء، العزيز الذي دانت لعزّته جميع المخلوقات.