الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ }

قوله تعالى { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ } الموت والحياة عرضان والأعراض والجواهر مخلوقة له واصل الحياة حياة تجليه واصل الموت موت استتاره وهما يتعاقبان للعارفين فى الدنيا فاذا ارتفعت الحجب يرتفع الموت عنهم بانهم يشاهدونه عيانا بلا استتار أبدا لا تجرى عليهم طوارق الحجاب عد ذلك قال الله بل احياء عند ربهم خلق الموت والحياة يميت قوما بالمجاهدات ويحيى قوما بالمشاهدات يميت قوما بنعت الفناء فى ظهور سطوات القدم ويحيى قوما بنعت البقاء فى ظهور انوار البقاء { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } لولا التجلى والاستتار لا يظهر شوق المشتاقين فى تفاوت درجات الشوق ولا يتبين وله العاشقين وتفاوت درجاتهم فى العشق هو العزيز يمنعه الجمهور عن الوصول الى حقيقة ذاته وصفاته وهو الغفور بان ينعمهم بكشف مشاهدته ويتجاوز عن قصور قصودهم فى الشوق اليه قال سهل الموت فى الدنيا بالمعصية والحياة فى الأخرة بالطاعة فى الدنيا بقوله ليبلوكم ايكم احسن عملا اى الذى يدركه التوفيق فيحييه بالطاعة ويبعده عن المعصية وقال العزيز المنيع فى ملكه الغفور بستره بجوده قال الجنيد حياة الاجسام مخلوقة وهى التى قال الله خلق الموت والحياة وحياة الله دائمة لا انقطاع لها اوصلها الى أوليائه فى قديم الدهر الذى ليس له ابتداء بمراده قبل ان خلقهم فكانوا فى علمه احياء ما هم قبل ايجادهم ثم اظهرهم فاعارهم الحياة المخلوقة التى أحيا بها الخلق واماتهم بسره فكانوا فى سره بعد الوفاة كما كانوا ثم اورد عليهم حياة الابد فكانوا احياء فاتصل الابد بالابد فصار ابدا فى ابد الابد وقيل حسن العمل نسيان العمل ورؤية الفضل قال الواسطى من احياه الله عند ذكره فى ازله لا يموت ابدا ومن اماته فى ذلك لا يحيا ابدا وكم حي غافل عن حياته وميت غافل عن مماته.