الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً }

قوله تعالى: { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } بدل من الذي في قوله تعالى: { تبارك الذي نزل } ، وقال بعضهم: هو مرفوع على المدح، وقال بعضهم: هو منصوب على المدح. وقد أثنى ـ جل وعلا ـ على نفسه في هذه الآية الكريمة بخمسة أمور، هي أدلة قاطعة على عظمته، واستحقاقه وحده لإخلاص العبادة له:

الأول منها: أنه هو الذي له ملك السموات والأرض.

والثاني: أنه لم يتخذ ولداً، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.

والثالث: أنه لا شريك له في ملكه.

والرابع: أنه هو خالق كل شيء.

والخامس: أنه قدر كل شيء خلقه تقديراً، وهذه الأمور الخمسة المذكورة في هذه الآية الكريمة جاءت موضحة في آيات أخر.

أما الأول منها: وهو أنه له ملك السموات والأرض، فقد جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالى في سورة المائدة:أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [المائدة: 40] الآية. وقوله تعالى في سورة النور:وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } [النور: 42] وقوله تعالى:ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } [فاطر: 13] الآية. وجميع الآيات التي ذكر فيها جل وعلا أن له الملك، فالملك فيها شامل لملك السموات والأرض، وما بينهما وغير ذلك. كقوله تعالى:قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ } [آل عمران: 26] الآية، وقوله تعالى:تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } [الملك: 1] الآية: وقوله تعالى:لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [غافر: 16] وقوله تعالى:وَلَهُ ٱلْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّوَرِ } [الأنعام: 73] الآية. وقوله تعالى:مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [الفاتحة: 4] والآيات الدالة على أن له ملك كل شيء كثيرة جداً معلومة.

وأما الأمر الثاني: وهو كونه تعالى لم يتخذ ولداً، فقد جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالى:لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [الإخلاص: 3ـ4] وقوله تعالى:وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } [الجن: 3] وقوله تعالى:بَدِيعُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ } [الأنعام: 101] الآية. وقوله تعالى:وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ ٱلسَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً } [مريم: 88ـ93] وقوله تعالى:وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً } [الكهف: 4ـ5] وقوله تعالى:أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً } [الإسراء: 40] وقوله تعالى:مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ } [المؤمنون: 91] إلى قوله:سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } [المؤمنون: 91] والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة وقد قدمنا ذلك في مواضع من هذا الكتاب المبارك في سورة الكهف وغيرها.

السابقالتالي
2