الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ } * { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ }

قوله: { يَلْتَقِيَانِ }: حالٌ من " البحرَيْنِ " وهي قريبةٌ من الحال المقدرةِ. ويجوز بتجوُّزِ أَنْ تكونَ مقارنَةً. و " بينهما بَرْزَخٌ " يجوز أن تكونَ جملةً مستأنفةً، وأَنْ تكونَ حالاً، وأَنْ يكونَ الظرفُ وحدَه هو الحالَ. والبَرْزَخ: فاعلٌ به وهو أحسنُ لقُرْبه من المفرد. وفي صاحبِ الحال وجهان، أحدُهما: هو " البحرَيْن " ، والثاني: هو فاعلُ " يَلْتقيان " ولا " يَبْغِيان " حالٌ أخرى كالتي قبلَها أي: مَرَجَهما غيرَ باغيَيْن، أو يلتقيان غيرَ باغيين، أو بينهما بَرْزَخٌ في حالِ عَدَمِ بَغْيهما. وهذه الحالُ في قوة التعليل؛ إذ المعنى: لئلا يَبْغِيا. وقد تَمَحَّل بعضُهم وقال: أصلُ ذلك لئلا يَبْغِيا، ثم حَذَفَ حرفَ العلة، وهو مُطَّرِدٌ مع " أَنْ " و " أَنَّ " ، ثم حُذِفَتْ " أَنْ " أيضاً وهو حَذْفٌ مُطَّرِد كقولِه تعالى:وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ } [الروم: 24] فلمَّا حُذِفَتْ " أَنْ " ارتفع الفعلُ، وهذا غيرُ ممنوعٍ، إلاَّ أنه يتكرَّرُ فيه الحَذْفُ، وله أَنْ يقولَ: قد جاء الحَذْفُ أكثرَ مِنْ ذلك فيما هو أَخْفَى من هذا، كما تقدَّم فيقَابَ قَوْسَيْنِ } [النجم: 9]، وكما سيأتي في قولِه:وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ } [الواقعة: 82].