الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَٰدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ } * { سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ }

قوله تعالى: { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } باطلٌ وغرورٌ، ثم ينقضي ويزول عن قريب.

والمراد: إعلامُ العبد أن الدنيا التي حالت بين أكثرهم وبين النظر لآخرتهم الباقية هي هذه اللذات الحائلة الزائلة، التي هي في نضارتها وحُسن رونقها كالزرع.

قال علي عليه الصلاة والسلام لعمار بن ياسر: لا تحزن على الدنيا فهي ستة أشياء: مطعوم، ومشروب، وملبوس، ومشموم، ومركوب، ومنكوح، فأكبر طعامها العسل، وهو بزقة ذبابة، وأكبر شرابها الماء، واستوى فيه جميع الحيوان، وأكبر الملبوس من الديباج، وهو نسج دودة، وأكبر المشموم المسك، وهو دم فأرة ظبْية، وأكبر المركوب الفرس، وعليها تُقتل الرجال، وأكبر المنكوح النساء، وهو مَبَالٌ في مَبَال. والله! إن المرأة لتُزَيِّنُ أحسنَها، [فيرادُ منها] أقبحُها.

ثم إن الله سبحانه وتعالى ضرب لها مثلاً فقال: { كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ } يعني: الزرَّاع. وقيل: الكفّار بالله؛ لأنهم أفرحُ بالدنيا وجودة نباتها من المؤمنين. قوله تعالى: { نَبَاتُهُ } وهو ما ينبت به، { ثُمَّ يَهِيجُ } يَيْبَس { فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً } بعد خضرته ورَيِّه { ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً } يتحطم وينكسر.

وقد سبق بيان هذا المثل في سورة يونس، وفي سورة الكهف.

والمقصود: تحقير شأن الدنيا وتعظيم أمر الآخرة، ألا تراه يقول: { وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ } يعني: لمن كفر وعصى، { وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ } لمن آمن وأطاع.

وباقي الآية والتي تليها مُفسّر في آل عمران إلى قوله تعالى: { ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } فبيَّن بهذا أنه لا يدخل أحد الجنة إلا بفضله سبحانه وتعالى.