الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }

قوله تعالى: { أَمْواتٌ }: يجوز أن يكونَ خبراً ثانياً، أي: وهم يُخْلَقُون وهم أمواتٌ. ويجوز أن يكونَ " يُخْلَقون " و " أمواتٌ " كلاهما خبراً من بابِ " هذا حُلْوٌ حامِض " ذكره أبو البقاء، ويجوزُ أن يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ، أي: هم أمواتٌ.

قوله: { غَيْرُ أَحْيَآءٍ } يجوزُ فيه ما تقدم، ويكون تأكيداً. وقال أبو البقاء: " ويجوزُ أَنْ يكونَ قصد بها أنهم في الحال غيرُ أحياءٍ ليَرْفَعَ به توهُّمَ أنَّ قولَه " أمواتٌ " فيما بعد إذ قال تعالى:إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } [الزمر: 30]. قلت: وهذا لا يُخْرِجُه عن التأكيدِ الذي ذكره قبلَ ذلك.

قوله: { أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } " أيَّان " منصوبٌ بما بعده لا بما قبلَه لأنه استفهامٌ، وهو مُعَلَّقٌ لـ " يَشْعُرون " فجملتُه في محلِّ نصبٍ على إسقاطِ الخافضِ، هذا هو الظاهرُ. وفي الآية قولٌ آخرُ: وهو أن " أيَّان " ظرفٌ لقولِه { إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ } يعني أن الإِلهَ واحدٌ يومَ القيامة، ولم يَدَّعِ أحدٌ الإِلهيةَ في ذلك اليومِ بخلاف أيَّام الدنيا، فإنه قد وُجد فيها من ادَّعى ذلك، وعلى هذا فقد تَمَّ الكلامُ على قوله " يَشْعُرون " ، إلا أن هذا القول مُخْرِجٌ لـ " أيَّان " عن موضوعِها - وهو: إمَّا/ الشرطُ، وإمَّا الاستفهامُ - إلى مَحْضِ الظرفيةِ بمعنى وقت، مضافٌ للجملة بعده كقولِك: " وقتَ تَذْهَبُ عمروٌ منطلق " فوقتَ منصوبٌ بمُنْطَلِق، مضافٌ لتذهب.