الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } * { بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } * { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } * { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ }

{ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ } للخدمة، { وِلْدَٰنٌ } ، غلمان، { مخَلَّدُون } ، لا يموتون ولا يهرمون ولا يتغيرون. وقال الفراء: تقول العرب لمن كبر ولم يشمط: إنه مخلد. قال ابن كيسان: يعني ولداناً لا يحولون من حالة إلى حالة. قال سعيد بن جبير: مقرَّطون يقال: خلد جاريته إذا حلاَّها بالخَلَد، وهو القُرْط. قال الحسن: هم أولاد أهل الدنيا لم تكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا عليها لأن الجنة لا ولادة فيها فهم خدَّام أهل الجنة. { بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ } ، فالأكواب جمع كوب، وهي الأقداح المستديرة الأفواه لا آذان لها ولا عرى، والأباريق وهي: ذوات الخراطيم، سميت أباريق لبريق لونها من الصفاء. { وَكَأْسٍ مِّن مَعِين } ، خمر جارية. { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } ، لا تصدع رؤوسهم من شربها، { وَلاَ يُنزِفُونَ } أي لا يسكرون هذا إذا قرئ بفتح الزاي ومن كسر فمعناه لا ينفد شرابهم. { وَفَـٰكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } ، يختارون ما يشتهون يقال تخيرت الشيء إذا أخذت خيره. { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونْ } ، قال ابن عباس يخطر على قلبه لحم الطير فيصير ممثلاً بين يديه على ما اشتهى، ويقال: إنه يقع على صحفة الرجل فيأكل منه ما يشتهي ثم يطير فيذهب. { وَحُورٌ عِينٌ } ، قرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي بكسر الراء والنون، أي وبحور عين، أتبعه قوله: " بأكواب وأباريق " " وفاكهةٍ ولحم طير " في الإعراب وإن اختلفا في المعنى، لأن الحور لا يطاف بهن. كقول الشاعر:
إذا ما الغانياتُ بَرَزْنَ يوماً   وزجَّجن الحواجِبَ والعُيونا
والعين لا تزجج وإنما تكحل ومثله كثير. وقيل: معناه ويكرمون بفاكهة ولحم طير وحور عين. وقرأ الباقون بالرفع أي: ويطوف عليهم حور عين. وقال الأخفش رفع على معنى لهم حور عين وجاء في تفسيره " حور عين " بِيض ضِخَام العيون.