الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ وقالَ الَّذى اشْتراهُ مِنْ مصْرَ } أى فى مصر متعلق باشترى، أو من أهل مصر، فيتعلق بمحذوف حال من الذى أو من المشترى بتقدير مضاف كما رأيت، وهو العزيز الذى كان على خزائن مصر، واسمه قطفير أو طفير، والأول عن ابن عباس، وقيل اسمه قنطور. { لامرأته } متعلق بقال لا باشترى، لأنه اشتراه لنفسه، وقيل اشتراه لها، وعليه فتنازعه قال واشترى، تسمى زليخا عند الجمهور، وهو المشهور، وقيل راعيل بنت عاميل، ولعل راعيل اسمها، وزليخا لقبها، والملك يومئذ الريان بن الوليد، رجل من العماليق وقد آمن بيوسف ومات فى حياة يوسف، فملك بعده قابوس بن مصعب، فدعاه يوسف إلى الإسلام فأبى. وقيل كان فرعون موسى عاش، أربعمائة عام بدليلولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات } والمشهور أن فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف فقوله { ولقد جاءكم يوسف } إلخ من قبيل خطاب الأولاد بأحوال الآباء، قيل اشتراه العزيز وهو ابن سبع عشرة سنة، وأقام فى منزله ثلاث عشرة سنة، واستوزره ريان بن الوليد وهو ابن ثلاثين سنة، وتوفى وهو ابن مائة وعشرين سنة. { أكْرِمى مَثْواهُ } أى موضع نزوله وإقامته، والمراد أحسنى إليه فى المطعم والمشرب والملبس، وما يحتاج إليه، وتفقدى أحواله لتطيب نفسه ويحبنا { عسَى أنْ ينْفَعنا } فى ضياعنا وأموالنا إذا بلغ وقوى، ونستعين به على مصالحنا، أو نبيعه بربح. { أو نتَّخذهُ وَلداً } وكان عقيما لا يولد له، فأراد تبنى يوسف، وذلك أنه تفرس فيه الرشد، قال ابن مسعود أفرس الناس ثلاثة العزيز فى يوسف إذ قال { لامرأته أكرمى مثواه } الخ، وابنة شعيب إذ قالت لأبيها فى موسى عليهما السلام { يا أبت استأجره } وأبو بكر حين استخلف عمر. وفى عرائس القرآن أنهم لما قدموا مصر أمره مالك بن دعر أن يغتسل فاغتسل، وألبسه ثوبا حسنا، وعرضه على البيع، فاشتراه قطفير، وكان الملك بمصر أو نواحيها الريان بن الوليد بن نزاوة ابن إقامة بن بارازيرة بن عمرو بن عملاق، من ولد سام بن نوح، وكان كافر فدعاه يوسف إلى الإسلام فأبى. قال ابن عباس اشتراه قطفير بعشرين دينار، وزوج نعال وثوبين أبيضين، وقال وهب تزايدوا فى ثمنه حتى بيع بوزنه مسكا، ووزنه ورقا، ووزنه ذهبا، ووزنه حريرا، اشتراه قطفير بذلك، فأتى به لامرأته فقال لها { أكرمى مثواه } الخ، وكان لا يأتى النساء، وكانت امرأته حسناء ناعمة ا هـ. وكان وزنه أربعمائة رطل، وقيل نفد ما عنده فلم يَزِنْ فباعه بالموجود، وكانت فيما قيل زليخا بنت الملك طميوس، رأت يوسف فى منامها، وكان بلدها قريب من مصر فنحل جسمها، ورق عظمها، واصفر لونها من حب يوسف، وذلك قبل أن يتزوج بها قطفير، وكانت بنت تسع سنين وقال لها والدها مالى أراك على هذه الحالة؟ فقالت إنى رأيت فى منامى صورة ما رأيت مثلها، فافتتنت بها، فلما انتبهت ما رأيتها فصرت كما ترى، فقال لها والدها لو علمت أين هذا لطلبته لك، ولبذلت خزائنى لك، فرأته فى السنة الثانية فقالت له بحق الذى صورك وأشغلنى بك أخبرنى من أنت؟ فقال أنا إنسى أنا لك وأنت لى، فانتبهت وبكت بكاء شديدا، فقال لها والدها مالك يا مسكينة؟ فقالت رأيت البارحة كما رأيت فى العام الأول، فسألته فقال إنسى أنا لك وأنت لى، لا تختارى علىَّ سواى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6