الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

{ أفمن شرح الله صدره للاسلام } الهمزة للاستفهام الانكارى والفاء للعطف على محذوف ومن شرطية او موصولة وخبرها محذوف دل عليه ما بعده. واصل الشرح بسط اللحم ونحوه يقال شرحت اللحم وشرحته ومنه شرح الصدر بنور الهى وسكينة من جهته تعالى وروح منه كما فى المفردات. قال فى الارشاد شرح الصدر للاسلام عبارة عن تكميل الاستعداد له فان الصدر بالفارسية سينه محل القلب الذى هو منبع للروح التى تتعلق بها النفس القابلة للاسلام فانشراحه مستدع لاتساع القلب واستضاءته بنوره فهذا شرح قبل الاسلام لا بعده والمعنى أكل النساس سواء فمن بالفارسية بس هركسى وياآنكس كه { شرح الله صدره } اى خلقه متسع الصدر مستعدا للاسلام فبقى على الفطرة الاصلية ولم يتغير بالعوارض المكتسبة القادمة فيها { فهو } بموجب ذلك مستقر { على نور } عظيم { من ربه } وهو اللطف الالهى الفائض عليه عند مشاهدة الآيات التكوينية والتنزيلية والتوفيق للاهتداء بها الى الحق كمن قسا قلبه وحرج صدره بسبب تبديل فطرة الله بسوء اختياره واستولت عليه ظلمات الغى والضلالة فاعرض عن تلك الآيات بالكلية حتى لا يتذكر بها ولا يغتنمها كقوله تعالىومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا } يعنى ليس من هو على نور كمن هو على ظلمة فلا يستويان كما لا يستوى النور والظلمة والعلم والجهل. واعلم انه لا نور ولا سعادة لمسلم الا بالعلم والمعرفة ولكل واحد من المؤمنين معرفة تختص به وانما تتفاوت درجاتهم بحسب تفاوت معارفهم. والايمان والمعارف انوار فمنهم من يضيىء نوره جميع الجهات ومنهم من لا يضيىء نوره الا موضع قدميه فايمان آحاد العوام نوره كنور الشمع وبعضهم نوره كنور السراج وايمان الصديقين نوره كنور القمر والنجوم على تفاوتها واما الانبياء فنور ايمانهم كنور الشمس وازيد فكما ينكشف فى نورها كل الآفاق مع اتساعها ولا ينكشف فى نور الشمع الا زاوية ضيقة من البيت كذلك يتفاوت انشراح الصدور بالمعارف وانكشاف سعة الملكوت لقلوب المؤمنين ولهذا جاء فى الحديث " انه يقال يوم القيامة اخرجوا من النار من فى قلبه مثقال من الايمان ونصف مثقال وربع مثقال وشعيرة وذرة " ففيه تنبيه على تفاوت درجات الايمان وبقدره تظهر الانوار يوم القيامة فى المواقف خصوصا عند المرور على الصراط { فويل } بس شدت عذاب { للقاسية قلوبهم من ذكر الله } القسوة غلظ القلب واصله من حجر قاس والمقاساة معالجة ذلك ومن اجلية وسببية كما فى قوله تعالىمما خطيئاتهم اغرقوا } والمعنى من اجل ذكره الذى حقه ان تنشرح له الصدور وتطمئن به القلوب اى اذا ذكر الله تعالى عندهم وآياته اشمأزوا من اجله وازدادت قلوبهم قساوة كقوله تعالىفزادتهم رجسا }

السابقالتالي
2 3