الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } * { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ } * { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } * { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْوَعِيدِ } * { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } * { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ }

قوله: { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ } إلى قوله: { فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } الآيات.

هذا توبيخ وتقريع لمن أنكر البعث بعد الموت، والمعنى: أفعيينا بابتداع الخلق الذي خلقناه ولم يكن شيئاً، فنعيا بإعادتهم خلقاً كما كانوا بعد فنائهم. أي: ليس يعيينا ذلك، بل نحن قادِرون عليه.

ثم قال: { بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ }.

أي: بل هم في شك من إعادة الخلق بعد فنائهم فلذلك أنكروا البعث بعد الموت.

ثم قال: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ } أي: ما تحدثه به نفسه لا تخفى عليه سرائره.

وقيل: هو مخصوص بآدم عليه السلام وما وحرمت به نفسه من أكل الشجرة التي نهي عنها، ثم هي عامة في جميع الخلق لا يخفى عليه شيء من وسواس أنفسهم إليهم.

ثم قال: { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } / أي: ونحن أقرب إلى الإنسان من فتل العاتق.

وقيل معناه: ونحن أملك به وأقرب إليه.

وقيل معناه: ونحن أقرب إليه في العلم بما توسوس به نفسه من حبل الوريد.

وهنا من الله جلّ ذكره زجر للإنسان عن إضمار المعصية.

قال الفراء: الوريد: عرق بين الحلقوم والعلباوين.

وقال ابن عباس: " مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ " أي: من عرق العنق.

وقال أبو عبيدة: حبل الوريد: حبل العاتق، والوريد عرق في العنق متصل بالقلب، وهو نياط القلب، والوريد والوتين ما في القلب.

قال الأقرع: هو نهر الجسد يمتد من الخنصر أو الإبهام، فإذا كان في الفخذ أو الساق فهو الساق وإذا كان في البطن فهو الحالب وإذا كان في القلب فهو الأبهر وإذا كان في اليد فهو الأكحل وإذا كان في العنق فهو الوريد وإذا كان في العين فهو الناظر / وإذا كان في القلب فهو الوتين.

ثم قال: { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ }.

العامل في " إذ أقرب " ، أي: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد حين يتلقى المتلقيان، وهما الملكان عن اليمين وعن الشمال قعيد أي: قاعد، وتقديره عند سيبويه: " عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد ". ثم حذف الأول لدلالة الثاني عليه.

فلذلك لم يقل، قعيدان، وهو قول الكسائي.

ومذهب الأخفش والفراء: أن قعيداً يؤدى عن اثنين وأكثر منهما كقوله:يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } [غافر: 67]. ومذهب المبرد: أن " قعيداً " ينوي به التقديم والتأخير، والتقدير عنده: " عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد " فاكتفى بالأول عن الثاني ومثلهوَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } [التوبة: 62].

وقيل: قعيد بمعنى الجماعة، كما قال:وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } [التحريم: 4].

قال قتادة وغيره: المتلقيان الملكان الحافظان على الإنسان جميع أعماله وألفاظه.

السابقالتالي
2 3 4