الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ }

المصيبة حَصْلةٌ تقع وتحصل. فيقول تعالى: لا يحصل في الأرض ولا في أنفسكم شيءٌ إلى وهو مُثْبَتٌ في اللوح المحفوظ على الوجه الذي سبق به العِلْم، وحقَّ فيه الحكم؛ فقبل أن نخلق ذلك أثبتناه في اللوح المحفوظ.

فكلُّ ما حصل في الأرض من خصبٍ أو جدبٍ، من سعة أو ضيق، من فتنة أو استقامة وما حصل في النفوس من حزن أو سرور، من حياةٍ أو موت كلُّ ذلك مُثبت في اللوح المحفوظ قبل وقوعه بزمان طويل.

وفي قوله: { مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ } دليلٌ على أن أكساب العباد مخلوقة لله سبحانه. وللعبدِ في العلم بأنَّ ما يصيبه: من بسطٍ وراحةٍ وغير ذلك من واردات القلوب من اللَّهِ - أشدُّ السرور وأتمُّ الإنْسِ؛ حيث عَلِمَ أنه أُفْرِدَ بذلك بظهر غيبٍ منه، بل وهو في كنز العَدَم، ولهذا قالوا:
سقيـاً لمعـهدك الـذي لـو لـم يكـن   مـا كـان قلبـي للصبـابـة معهـدا