الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

{ لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر } الخطاب للنبى عليه السلام او لكل احد وتجد اما متعد الى اثنين فقوله تعالى { يوادون من حاد الله ورسوله } مفعوله الثانى او الى واحد بأن كان بمنى صادف فهو حال من مفعوله لتخصيصه بالصفة وهو يؤمنون والموادة المحابة مفاعله من المودة بمعنى المحبة وهى حالة تكون فى القلب اولا ويظهر آثارها فى القالب ثانيا والمراد بمن حاد الله ورسوله المنافقون واليهود والفساق والظلمة والمبتدعة والمراد بنفى الوجدان نفى الموادة على معنى انه لاينبغى أن يتحقق ذلك حقه أن يمتنع ولا يوجد بحال وان جد فى طلبه كل أحد وجعل مالا ينبغى وجوده غير موجود لشركته فى فقد الخير ويجوز أن يقال لاتجد قوما كاملى الايمان على مايدل عليه سياق النظم فعدم الوجدان على حقيقته قال فى كشف الاسرار أخبر أن الايمان يفسد بموادة الكفار وكذا بموادة من حكمهم وعن سهل بن عبدالله التسترى قدس سره من صحح ايمانه واخلص توحيده فانه لايأنس الى مبتدع ولايجالسه ولا يؤاكله ولا يشاربه ولا يصاحبه ولايظهر من نفسه العداوة والبغضاء ومن داهن مبتدعا سلبه الله حلاوة السنن ومن تحبب الى مبتدع لطلب عز فى الدنيا او عرض منها اذله الله بتلك العزة وأفقره الله بذلك الغنى ومن ضحك الى مبتدع نزع الله نور الايمان من قلبه ومن لم يصدق فليجرب واما المعاملة للمبايعة العادية او للمجاورة او للمرافقة بحيث لاتضر بالدين فليست بمحرمة بل قد تكون مستحبة فى مواضعها قال ابن الشيخ المعنى لايجتمع الايمان مع ودادة اعدآء الله فان قيل اجتمعت الامة على أن يجوز مخالطتهم ومعاملتهم ومعاشرتهم فما هذه الموادة المحرمة فالجواب ان الموادة المحرمة هى ارادة منافعه دينا ودنيا مع كونه كافرا وما سوى ذلك جائز روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كان يقول " اللهم لاتجعل لفاجر عندى نعمة فانى وجدت فيما أوحى الى لاتجد قوما " الخ فعلم منه ان الفساق واهل الظلم داخلون فيمن حادالله ورسوله اى خالفهما وعاداهما واستدل مالك بهذه الآية على معاداة القدرية وترك مجالستهم وهم القائلون بنفى كون الخير والشر كله بتقدير الله ومشيئته يعنى هم الذين يزعمون ان كل عبد خالق لفعله ولا يرون الكفر والمعاصى بتقدير الله وسموا بذلك لمبالغتهم فى نفيه وكثرة مدافعتهم اياه وقيل لاثباتهم للعبد قدرة الايجاد وليس بشىء لان المناسب حينئذ القدرى بضم القاف { ولو كانوا } اى من حاد الله ورسوله وبالفارسية واكرجه باشند از مخالفان خدا ورسول، والجمع باعتبار معنى من كما ان الافراد فيما قبله باعتبار لفظها { آباءهم } اى آباء الموادين { او ابناءهم } قدم الاقدم حرمة ثم الاحكم محبة { او اخوانهم } نسبا { او عشيرتهم } العشيرة اهل الرجل الذين يتكثر بهم اى يصيرون بمنزلة العدد الكامل وذلك ان العشرة هو العدد الكامل فصار العشيرة لكل جماعة من أقارب الرجل يتكثر بهم والعشير والمعاشر قريبا او معارفا وفى القاموس عشيرة الرجل بنوا أبيه الادنون او قبيلته انتهى.

السابقالتالي
2 3 4