الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

اختلف أهل التأويـل فـي هذه الآية: هل نزلت مرادا بها كل مشركة، أم مراد بحكمها بعض الـمشركات دون بعض؟ وهل نسخ منها بعد وجوب الـحكم بها شيء أم لا؟ فقال بعضهم: نزلت مراداً بها تـحريـم نكاح كل مشركة علـى كل مسلـم من أنّ أجناس الشرك كانت عابدة وثن أو كانت يهودية أو نصرانـية أو مـجوسية أو من غيرهم من أصناف الشرك، ثم نسخ تـحريـم نكاح أهل الكتاب بقوله:يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ } [المائدة: 4] إلـى:وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } [المائدة: 5]. ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ بن واقد، قال: ثنـي عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس قوله: { وَلا تَنْكِحُوا الـمُشْركاتِ حَّتـى يُؤْمِنَّ } ثم استثنى نساء أهل الكتاب فقال:وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } [المائدة: 5]. حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري، قالا: { وَلا تَنْكِحُوا المُشْركاتِ حَّتى يُؤْمِنَّ } فنسخ من ذلك نساء أهل الكتاب أحلهن للمسلمين. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول الله: { وَلا تَنْكِحُوا الـمُشْركاتِ حَّتـى يُؤْمِنَّ } قال: نساء أهل مكة ومن سواهن من الـمشركين، ثم أحل منهن نساء أهل الكتاب. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله. حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع قوله: { وَلا تَنْكِحُوا الـمُشْركاتِ } إلـى قوله: { لَعَلّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } قال: حرّم الله الـمشركات فـي هذه الآية، ثم أنزل فـي سورة الـمائدة، فـاستثنى نساء أهل الكتاب، فقال:وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ } [المائدة: 5]. وقال آخرون: بل أنزلت هذه الآية مراداً بحكمها مشركات العرب لـم ينسخ منها شيء ولـم يستثن، إنـما هي آية عامة ظاهرها خاص تأويـلها. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { وَلا تَنْكِحُوا الـمُشْركاتِ حَّتـى يُؤْمِنَّ } يعنـي مشركات العرب اللاتـي لـيس لهنّ كتاب يقرأنه. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة قوله: { وَلا تَنْكِحُوا الـمُشْركاتِ حَّتى يُؤْمِنَّ } قال: الـمشركات من ليس من أهل الكتاب وقد تزوّج حذيفة يهودية أو نصرانـية. حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن قتادة فـي قوله: { وَلا تَنْكِحُوا الـمُشْركاتِ حَّتـى يُؤْمِنَّ } يعنـي مشركات العرب اللاتـي لـيس لهن كتاب يقرأنه.

السابقالتالي
2 3 4 5