الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

{ وَلاَ تَنْكِحُواْ } لا تتزوجوا أيها المؤمنون { الْمُشْرِكَٰتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } ولو كتابيات ذميات، جروا على تحريم الكتابيات الذميات كغيرهن، ثم نزل نسخ تحريمهن بقوله تعالى:وَالْمُحْصَنَٰتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَٰبَ } [المائدة: 5] وبقيت الكتابيات المحاربات وسائر المشركات على التحريم ولو اقترنت الآيتان لقلت، إن ذلك تخصيص للعموم، كما شهر فى المذهب وعند الشافعية، من أن ذلك من تخصيص العام، ومن جواز تأخير دليل الخصوص فى العموم، ولو كانت مقارنة بين العام والخاص، ولك أن تقول، لا نسخ ولا تخصيص، بل المشركات فى الآية غير الكتابيات، لأنه كثر فى القرآن مقابلة المشركات بالكتابيات، كقوله تعالى:لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَٰبِ وَالْمُشْرِكِينَ } [البينة: 1]، ولو كان أهل الكتاب أيضاً مشركين لقوله سبحانه عما يشركون، وأجاز بعض قومنا نكاح الحربيات الكتابيات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب، وليس بشىء، ونص ابن عباس على المنع، وهو الصحيح { وَلأَمَةُ } وزنه فعة بحذف اللام، وأصله أهو بفتح الميم وإسكانها، قولان، احتار الأكثرون الفتح، وتجمع على إماء بوزن فعال، بكسر الفاء وهو الأكثر، وعلى ءام بوزن أفح بفتح الهمزة وإسكان الفاء وكسر العين، وأصله أفعل بفتح الهمزة وإسكان الفاء وضم العين، وهكذا أ امو بفتح الهمزة الأولى وإسكان الثانية وضم الميم، قلبت الثانية ألفاء وضمة الميم كسرة والواو ياء، حذفت للتنوين بعدها، وقلبت الواو ياء، لئلا يختم اسم عربى معرب بواو ساكنة قبلها ضمة لازمة، فيقال ءام، جرا ورفعا وءاميا نصبا { مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ } حرة { وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ } لجمالها ومالها وعزتها ونسبها، فكيف الحرة المؤمنة، ولا خير فى المشركة، إلا أن المشاركة باعتبار الاعتقاد لا الوجود، واسم التفضيل لا يخرج عن التفضيل مع وجود من، والمشاركة هنا موجودة، ففى كل من الأمة المسلمة والمشركة الحرة تمتع بالأنوثة، وفى المشركة الحرية، وفى الأمة الإيمان، وكل ذلك حسن، ففضل الله حسن الإيمان على حسن الحرية، وخيرية الحرة المؤمنة على المشركة الحرة معلوم بالأولى، ولا حاجة إلى أن الأمة مملوكة الله الشاملة للحرة، ولا تعسف فى ذلك، بل التعسف فى دعوى أن الأمة بمعنى مملوكة الله، لأن هذا ولو كثر استعماله حقيقة أو مجازا، ولكن فى مقام الوعظ ونحوه، لا فى مقام الأحكام كما هنا.

روى " عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مرثدا الغنوى إلى مكة، ليخرج منها ناسا من المسلمين سرا، وكان يهوى امرأة فى الجاهلية، اسمها عناق، فأَتته، فقالت له: ألا تخلو؟ فقال، ويحك، إن الإسلام حال بينى وبينك وحرم الزنا، فقالت: هل لك أن تتزوج بى؟ فقال: نعم، ولكن أرجع إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأستأمره، فقالت: أبى تتبرم، فصرخت عليه، فعذبوه، ثم خلوه، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل. ولا تنكحوا المشركات: كذا قيل ".


السابقالتالي
2 3