الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ }

القراءة:

قرأ أهل الكوفة إلا حفصا { حتى يطهرن } بتشديد الطاء والهاء. الباقون بالتخفيف.

المعنى:

قيل: إنما سألوا عن المحيض، لأنهم كانوا على تجنب أمور: من مواكلة الحائض، ومشاربتها حتى كانوا لا يجالسونها في بيت واحد، فاستعلموا ذلك، أواجب هو أم لا؟ في قول قتادة، والربيع، والحسن، وقال مجاهد: كانوا على استجازة إتيانهن في الأدبار أيام الحيض، فلما سألوا عنه، بين تحريمه، والأول - عندنا - أقوى.

اللغة:

والمحيض مصدر حاضت المرأة تحيض حيضاً ومحيضاً، فهي حائض. والمرة حيضة وجمعه حيض وحيضات. ونساء حيض. والمستحاضة: التي عليها الدم فلا رواق وأصل الباب الحيض: مجيء الدم لأنثى على عادة معروفة.

أحكام الحيض، والاستحاضة:

وصفة الحيض: هو الدم الغليظ الأسود الذي يخرج بحرارة. وأقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة؛ وهو قول الحسن، وأهل العراق. وقال الشافعي، وأكثر أهل المدينة: أقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً. وحكي أن قوماً قالوا: ليس له وقت محدود: إنما هو ما رأت دم الحيض. وأقل الطهر عشرة أيام، وخالف الجميع وقالوا: خمسة عشر يوماً. والاستحاضة: دم رقيق أصفر بارد. وحكم الاستحاضة حكم الطهر في جميع الاحكام إلا في تجديد الوضوء - عند كل صلاة - ووجوب الغسل عليها على بعض الوجوه - عندنا -.

وقوله: { أذى } معناه: قذر ونجس - في قول قتادة والسدي -.

وقوله: { فاعتزلوا النساء في المحيض } معناه: اجتنبوا الجماع في الفرج، وبه قال ابن عباس، وعائشة، والحسن، وقتادة، ومجاهد. وما فوق المئزر أو دونه، عن شريح، وسعيد بن المسيب. وعندنا: لا يحرم منها غير موضع الدم فقط. ومن وطىء الحائض في أول الحيض، كان عليه دينار، وإن كان في وسطه، فنصف دينار، وفي آخره ربع دينار. وقال ابن عباس: عليه دينار، ولم يفصل. وقال الحسن: يلزمه رقبة أو بدنة أو عشرون صاعاً.

اللغة:

ويقال: عزله يعزله عزلا، واعتزل اعتزالاً، وعزّله تعزيلا. والأعزل: الذي لا سلاح معه. وعزلا المزادة: مخرج الماء من أحد جوانبها، والجمع عزال. وكل شيء نحيّته عن موضع، فقد عزلته عنه، ومنه عزل الوالي. وأنت عن هذا بمعزل: أي منتحى. والأعزل من السماكين: الذي نزل به القمر. والمعزال من الناس: الذي لا ينزل مع القوم في السفر، لكنه ينزل ناحية، وأصل الباب الاعتزال، وهو التنحي عن الشيء.

المعنى:

وقوله: { حتى يطهرن } بالتخفيف معناه: ينقطع الدم عنهن. وبالتشديد معناه: يغتسلن - في قول الحسن، والفراء - وقال مجاهد، وطاووس: معنى تطهرّن: توضأن، وهو مذهبنا.

والفرق بين (طهرت) و (طهرّت) أن فُعل لا يتعدّى، لأن ما كان على هذا البناء لا يتعدّى، وليس كذلك فّعل.

السابقالتالي
2