الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ } * { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

قوله: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ }.

دل جوابه على أن السؤال كان عن قربان النساء في الحيض، أو كان عن موضع الحيض. فأخبر. - عز وجل - أنه { أَذًى }. والعرب تفعل ذلك - ربما أن تفهم من الجواب مراد السؤال، وربما تبين المراد في السؤال - وإذا جاز أن يتبع غير وقت الأذى وقت الأذى بالاتصال [ومن بعد انقطاع الدم قبل أن تغستل يجوز أن تتبع غير مكان الأذى مكان الأذى بالاتصال]، والله أعلم، ولا يحتمل أن يكون الأمر بالاعتزال يقع على اعتزال الأبدان والأشخاص بالاتفاق؛ إذ كل يجمع أن له أن يمسها باليد وأن يقبلها وغير ذلك، إلا أنهم اختلفوا في موضع الاستمتاع:

قال أ بو حنيفة - رضي الله تعالى عنه -: يستمتع بها ما فوق السرة ما تحت الركبة، ويجتنب غير ذلك.

وقال محمد - رضي الله تعالى عنه -: يجتنب شعار الدم، على ما جاء عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، أنها قالت: " يتقي شعار الدم، وله ما سوى ذلك ". ثم دل هذا الخبر على أن النهي في الموضع الذي فيه الأذى. دليله: أول الآية: { قُلْ هُوَ أَذًى }.

وحجة أبي حنيفة، رضي الله تعالى عنه، ما روي أنه قال: لها ما تحت السرة، وله ما فوقها، وما روي أن أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم إذا حضن أمرهن أن يتزرن ثم يضاجعهن.

وأما محمد، رحمه الله تعالى، فإنه ذهب إلى ما ذكرنا: أنه ينهى عن قربان ذلك الموضع للأذى، وأما الموضع الذي لا أذى فيه فلا بأس. ويجوز أن ينهى عن قربان هذه الأعضاء من نحو الفخذ وغيرها؛ لاتصالها بالموضع الذي فيه الأذى.

ويحتمل أن يكون ذكر الإزار كناية عن الموضع الذي فيه الأذى؛ وعلى ذلك روي عن عائشة، رضى الله تعالى عنها، أنها سئلت: عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ فقالت: " يحل له كل شيء إلا النكاح ". وسئلت: عما يحل للمحرم من امرأته؟ فقالت: لا يحل له شيء إلا الكلام.

وقوله: { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ } أي: لا تجامعوهن.

{ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ } فيه لغتان:

في حرف بعضهم { يَطْهُرْنَ } بضم الهاء وتخفيفها، وفي حرف آخرين بتشديد الهاء وفتحها:

فمن قرأ بالتخفيف فهو عبارة عن انقطاع الدم، ومن قرأ بالتشديد فإنه عبارة عن حل قربانها بعد الاغتسال.

ثم من قول أصحابنا - رحمهم الله تعالى -: إن المرأة إذا كانت أيامها عشرا تحل لزوجها أن يقربها قبل أن تغتسل، وإذا كانت أيامها دون العشر لم يحل له أن يقربها إلا بعد الاغتسال.

السابقالتالي
2 3