الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ نِسَاؤكُم حَرثٌ لكُمْ فأتوا حَرْثكُم أنَّى شِئْتُم }. رواه جابر بن عبد الله، والذى ذكر ابن وصاف عن جابر أن اليهود قالوا من أتى امرأته مجنبة جاء ولده أحول، فنزلت الآية. وقال الحسن سبب نزولها أنهم قالوا يا أصحاب محمد إنه لا يحل لكم أن تأتوا النساء إلا من وجه واحد، وهو استلقاؤها على ظهرها أو نحو ذلك، لا من جنب ولا من دبر فى قبل. وروى الترمذى " أن عمر بن الخطاب جاء النبى صلى الله عليه وسلم فقال له هلكت.. فقال " ما هلاكك؟ " قال حولت البارحة رجلى يعنى أتاها من دبرها فى قبلها، فلم يرد عليه النبى صلى الله عليه وسلم شيئاً حتى نزلت { نساؤكم حرث لكم } " أقبل وأدبر واتق الدبر " ، قال نافع كنت أمسك على ابن عمر المصحف فقرأ هذه الآية { نساؤكم حرث لكم } ، قال أتدرى فيم نزلت هذه الآية، قلت لا. قال نزلت فى رجل أتى إمرأته من دبرها فى قبلها، فشق ذلك فنزلت الآية، ومعنى كونهن حرثاً مواضع حرث، فالحرث مصدر على حذف مضاف، وقيل الحرث اسم للمرأة فصاعداً تسمية بالمصدر قال الشاعر
إذا أكل الجراد حروث قوم فحرثى همه أكل الجراد   
أى فامرأتى، كأنه يصفها بحب أكل الجراد أو أراد أن يلغز، وكأنه ذكر الضمير فى همه مراعاة للفظ الحرث، لأن لفظه مذكر، شبهت النساء بمواضع الحرث، ووجه الشبه أن الولد ينبت من النطفة الملقاة فى الرحم، كما ينبت النبات بإلقاء البذر فى الأرض، وزعم بعض العلماء ولكنه زل أنه يجوز إتيان النساء فى أدبارهن مستدلا بهذه الآية، زاعماً أن الله سبحانه وتعالى سمى المرأة حرثاً، فالحرث إسماً لها كلها لا لقبلها فقط، وأن الله سبحانه وتعالى خير الرجال بقوله { أنى شئتم } بين أن يأتوها فى أقبالهن، أو فى أدبارهن، لأن أنى هنا بمعنى أين، وذلك يدل على تعدد المكان، وذلك خطأ فاحش، لأن الله سبحانه وتعالى أخبر بأنهن حرث، فيقدر مضاف، أى محل حرث فتؤتى للحرث، والحرث إنما هو فى القبل لأنها لا تلد من الدبر، فيقدر مضاف آخر، أى فروج نسائكم محل حرث، والفرج الذى هو محل حرث هو القبل فقط، فلك تقدير أقبال نسائكم محل حرث لكم، وأنى لتعدد الأمكنة التى يتوصل منها إلى القبل، أى فآتونهن فى أقبالهن من أدبارهن من جوانبهن، أو من أمامها أو لتعدد الأحوال أى مستدبرات أو مستقبلات أو مجانبات وقائمات وقاعدات، أو ممتدات على الأرض، أو منحنيات كالراكعة والساجدة كما يأتى الإنسان أرضه للحرث من أى موضع شاء، وعلى أى حال شاء وقوله { فأتوا حرثكم أنى شئتم } كالبيان لقوله { فأتوهن من حيث أمركم الله } أى الموضع الذى أمرتم بإتيانه هو مكان الحرث ودليل على أن المراد الأصل الوطء طلب الولد لا قضاء وطر، فأتوهن من حيث يلدن، فعنه صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2