الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ يبغون }: أي يفسدون ويكفرون، والبغي: التعدي والأعمال الفاسدة، ووكد ذلك بقوله: { بغير الحق } ثم ابتدأ بالرجز وذم البغي في أوجز لفظ، وقوله " متاعُ الحياة " رفع، وهذه قراءة الجمهور وذلك على خبر الابتداء، والمبتدأ { بغيكم } ، ويصح أن يرتفع { متاع } على خبر ابتداء مضمر تقديره ذلك متاع أو هو متاع، وخبر " البغي " قوله { على أنفسكم } ، وقرأ حفص عن عاصم وهارون عن أبن كثير وابن أبي إسحاق: " متاعَ " بالنصب وهو مصدر في موضع الحال من " البغي " وخبر البغي على هذا محذوف تقديره: مذموم أو مكروه ونحو هذا، ولا يجوز أن يكون الخبر قوله { على أنفسكم } لأنه كان يحول بين المصدر وما عمل فيه بأجنبي، ويصح أن ينتصب { متاع } بفعل مضمر تقديره: تمتعون متاع الحياة الدنيا، وقرأ ابن أبي إسحاق " متاعاً الحياةَ الدنيا " بالنصب فيهما، ومعنى الآية إنما بغيكم وإفسادكم مضر لكم وهو في حالة الدنيا ثم تلقون عقابه في الآخرة، قال سفيان بن عيينة: { إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا } أي تعجل لكم عقوبته في الحياة الدنيا، وعلى هذا قالوا: البغي يصرع أهله.

قال القاضي أبو محمد: وقالوا: الباغي مصروع، قال الله تعالى:ثم بغي عليه لينصرنه الله } [ الحج: 60] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من ذنب أسرع عقوبة من بغي " وقرأت فرقة " فننبئكم " على ضمير المعظم المتكلم وقرأت فرقة: " فينبئكم " ، على ضمير الغائب، والمراد الله عز وجل.