الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَٰتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَالَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ الَّٰتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

أمهات جمع أمِّ والهاء زائدةٌ في الجمع، فَرْقاً بَيْنَ العُقَلاَءِ وغيرهم، يُقَالُ في العُقَلاَءِ أمَّهَات، وفي غيرهم أمات كقوله:
1773- وَأمَّاتِ أطْلاَءٍ صغار   
هذا هو المشهور، وقد يقال: " أمَّات " في العقلاء و " أمهات " في غيرهم، وقد جمع الشَّاعِرُ بين الاستعمالين في العُقَلاَءِ فقال: [المتقارب]
1774- إذَا الأمَّهاتُ قَبَحْنَ الوُجُوهَ   فَرَجْتَ الظَّلاَمَ بِأُمَّاتِكَا
وقد سُمِعَ " أمهة " في " أم " بزيادَةِ هاء بعدها تاء تأنيث، قال: [الرجز]
1775- أُمَّهَتي خِنْدَفٌ وَالْياسُ أبِي   
فعلى هذا يَجُوزُ أنْ تكون أمَّهات جمع " أمهة " المزيد فيها الهاء، والهاءُ قد أتَتْ زَائِدةً في مواضع قالوا: هِبْلَع، وهِجْزَع من البَلْعِ وَالجَزْع.

قوله: { وَبَنَاتُكُمْ } عطف على { أُمَّهَاتُكُمْ } وبنَاتُ جمع بِنْتٍ، وَبِنْتٌ: تأنيث ابن، وتقدَّمَ الكلام عليه وعلى اشتقاقه ووزنه في البقرة في قوله:يَابَنِي إِسْرَائِيلَ } [البقرة: 40] إلا أنَّ أبَا البقاء حكى [عن] الفرَّاءِ أنَّ " بَنَات " ليس جمعاً لـ " بِنْتٍ " ، يعني: بكسر البَاءِ بل جمع " بَنَة " يعني: بفتحها قال: وكُسِرَتِ الْبَاءِ تنبيهاً على المحذوف.

قال شهابُ الدِّينِ: هذا إنَّمَا يَجيءُ على اعتقادِ أنَّ لامها ياء، وقد تَقَدَّمَ الخلافُ في ذلك، وأنَّ الصَّحِيحَ أنَّهَا واو، وَحَكَى عن غيره أن أصلها: " بَنَوة " وعلى ذلك جَاءَ جمْعُهَا ومذكرها، وهو بنون، قال: وهو مذهب البصريين.

قال شهَابُ الدِّينِ: لا خلاف بين القوْليْنِ في التَّحْقِيقِ؛ لأنَّ من قال بنات جمعُ " بَنَة " ، بفتح الباء، لا بدَّ وأن يعتقد أنَّ أصْلَهَا " بنوة " ، حذفت لامها وعوّض عنها تاءُ التأنيث، والَّذي قال: بنات جمع " بنوة " لفظ بالأصْلِ فَلاَ خِلاف.

واعْلَمْ أنَّ تَاء " بِنْتٍ " وَ " أخْت " تاءُ تعويضٍ عن اللامِ المحذوفَةِ، كما تَقَدَّمَ تقريره، وليست للتَّأنِيثِ؛ لوجهين:

أحدُهُما: أنَّ تَاءَ التَّأنيثِ يَلْزَمُ فتح ما قبلها لفظاً أوْ تقديراً: نحو: تَمْرَةٍ وفتاة، وهذه ساكنٌ ما قَبْلَهَا.

والثَّاني: أنَّ تَاءَ التأنيث تبدل في الوقف هاء، وهذه لا تُبْدَلُ، بل تُقَرُّ على حالها.

قال أبُو الْبَقَاءِ: " فإن قيل: لِمَ رُدَّ المحذوف في " أخوات " ولم يُرَدُّ في " بَنَات "؟ قيل: [حُمِلَ] كلُّ واحد من الجَمْعَيْنِ على مذكَّرِهِ، فمذكر " بنات " لم يُرَدُّ إليه المحذوف بل قالوا فيه " بَنُون " ، ومذكر " أخَوات " رُدَّ فيه محذوفه قالوا في جمع أخ، إخْوَة وإخوان ".

قال شهَابُ الدِّينِ: وهذا الذي قاله ليس بشيء؛ لأنَّهُ أخذ جمع التَّكسير وهو إخوة وإخوان مقابلاً لـ " أخوات " جمع التَّصْحِيحِ، فقال: رُدَّ في أخوات كما رُدَّ في إخوة، وهذا أيْضاً موجودٌ في بنات؛ لأنَّ مذكَّره في التَّكسير رُدَّ إليه المحذوفُ قالوا: ابن وأبناء، ولمَّا جمعوا أخاً جمع السَّلامة قالوا فيه " أخُون " بالحذف، فردُّوا في تكسير ابن وأخ محذوفهما، ولم يَرُدُّوا في تصحيحهما، [فبان] فَسَادُ ما قال.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10