الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } * { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلاَمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

قوله - عز وجل -: { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ }.

فمن الناس من يقول: إن قوله: { هُوَ } من أرفع أسماء الله - تعالى - وذكر عن بعض أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بقوله: يا هو، يا من لا إله إلا هو، تأويل هذا الكلام: أن كل شيء بهويته كان.

وقوله: { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } ، قيل فيه بوجوه ثلاثة:

أحدها: أنه عالم بما غاب عن الخلق وبما شهدوا.

والثاني: بما قد كان وبما يكون.

والثالث: أنه عليم بما قد كان ويعلمه أن كيف يكون إذا كان.

وقوله - عز وجل -: { هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } فهما اسمان مشتقان من الرحمة، وفي هذه الآية بيان وجوه أربعة:

أحدها: فيها بيان التوحيد، وهو قوله: { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } اسم المعبود: أن كل معبود دونه باطل.

والثاني: أن فيها تنبيهاً وتحذيراً بأن يتذكر الإنسان في جميع أحواله اطلاع الله - تعالى - عليه، وعلمه فيه، وذلك من قوله: { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ }.

والثالث: فيها ترغيب في رحمته وإخبار لهم: أن كل نعمة لهم في الدنيا والآخرة من الله تعالى؛ إذ هو - عز وجل -: { ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ }.

والرابع: ما ذكرنا في قوله: { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ... } الآية: { ٱلْمَلِكُ } من الملك، أي: ملك كل شيء له، ليس لأحد سواه حقيقة الملك، { ٱلْقُدُّوسُ } قيل فيه بوجهين:

قال بعضهم: القدوس هو المبارك، والبركة اسم كل خير، أي: منه جميع الخيرات، لكن لا يجوز أن يقال لله - تعالى -: يا مبارك، وإن كان المعنى منه يؤدي إلى أن يأتي منه كل خير؛ لأنه لا يعرف في أسمائه هذا بالنقل، وعلينا أن نسكت عن تسميته بما لم يسم نفسه بذلك؛ لذلك قلنا بأنه لا يجوز التسمي بالمبارك، والله الموفق.

والثاني: القدوس هو الطاهر، يعني: هو مقدس عما قالت الملاحدة والكفرة فيه من الولد والشريك.

وقوله - عز وجل -: { ٱلسَّلاَمُ }.

اختلف في تأويله منهم من قال: سمى نفسه: سلاماً؛ لما هو سالم عن الآفات، وغيره من المخلوقين لا يسلمون من حلول الآفات بهم.

وقال آخرون: سمى نفسه: سلاماً؛ لما سلم المؤمنون من عذابه. والتأويل الأول أقرب.

وقوله: { ٱلْمُؤْمِنُ } ،

اختلف الناس في تأويله:

قال قائلون: هو الأمان: أن يؤمن المؤمنين من العذاب، ولا يمكن لأحد أن يؤمن أحداً من عذابه.

وقال قائلون: أصله من الإيمان: وهو التصديق، ثم ذلك يتوجه إلى وجهين:

أحدهما: أي: مصدق القول بما وعد للمؤمنين الجنة.

والثاني: المؤمن هو المصدق لما قال المؤمنون المصدقون من تصديقهم، فيصدقهم بما قالوا.

السابقالتالي
2 3