الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ }

{ ان هى } الضمير للاصنام اى ماالاصنام باعتبار الالوهية التى تدعونها اى باعتبار اطلاق اسم الاله { الا اسماء } اى اسماء محضة ليس تحتها مسميات اى ماتبنىء هى عنه من معنى الألوهية شىء مااصلا كما اذا أردت ان تحقر من هو ملقب بما يشعر بالمدح وفخامة الشان تقول ماهو الاسم قال المولى الجامى
مرد جاهل جاه كيتى را لقب دولت نهد همجنان آماس بيند طفل كويد فربهست   
وقال فى ذم ابناء الزمان
شكل ايشان شكل انسان فعل شان فعل سباع هم ذئاب فى ثياب او ثياب فى ذئاب   
ويجوز الحمل على الادعاء { سيمتموها } صفة لاسماء وضميرها لها لا للاصنام والمعنى جعلتموها اسماء لا جعلتم لها اسماء فان التسمة نسبة بين الاسم والمسمى فاذا قيست الى الاسم فمعناها جعله اسماء للمسمى واذا قيست الى المسمى فمعناها جعله مسمى للاسم وانما اختير ههنا المعنى الاول من غير تعرض للمسمى لتحقيق ان تلك الاصنام التى يسمونها آلهة اسماء مجردة ليس لها مسميات قطعا كما فى قوله تعالى { ماتعبدون من دونه الا اسماء سميتموها } لا ان هناك مسميات لكنها لاتستحق التسمية اى ماهى الا اسماء خالية من المسميات وضعتموها { انتم وآباؤكم } بمقتضى اهوآئكم الباطلة { ما انزل الله بها } اى بصحة تسميتها { من سلطان } برهان تتعلقون به جميع القرءآن انزل بالالف الى فى الاعراف فانه نزل بالتشديد { ان يتبعون } التفات الى الغيبة للايذان بأن تعداد قبائحهم اقتضى الاعراض عنهم وحكاية جناياتهم لغيرهم مايتبعون فيما ذكر من التسمية والعمل بموجبها { الا الظن } الا توهم ان ماهم عليه حق توهما باطلا { وما تهوى الانفس } اى تشتهيه انفسهم الا مارة بالسوء فما موصولة ويجوز كونها مصدرية والالف واللام بدل الاضافة وهو معطوف على الظن. وفى التأويلات النجمية يقول ليست هذه الاصنام التى تعبدونها بضلالة نفوسكم الدنية الشهوانية وجهالة عقولكم السخيفة الهيولانية الا اسماء صور وهمية لامسميات لها اوجدتها اوهامكم الضعيفة وادركتها عقولكم المريضة المشوبة بالوهم والخيال التى هى بمرتبة آبائكم ليس لها عند اصحاب الطلب وارباب الكشف والقرب وجود ولا نمو بل هى خشب مسندة ماجعل الله فى تلك الاصنام النفسية والهوآئية والدنيوية ولا ركب فيها التصرف فى الاشياء فى الايجاد والاعدام والقهر واللطف والنفع والضر والاشياء علويها وسفليها جمادها ونباتها حيوانها وانسانها كلها مظاهر الاسماء الالهية ومجالى الصفات الربانية الجمالية والجلالية اى اللطيفة والقهرية تجلى الحق فى الكل بحسب الكل لابحسبه الا الانسان الكامل فانه تجلى فيه بحسب الكلية المجموعية وصار خليفة الله فى الارض وانتم ايها الجهلة الظلمة ماتتبعون تلك الصفات الالهية وماتشهدون فى الاشياء تلك الحقائق الروحانية والاسرار الربانية المودعة فى كل حجر ومدر بل اعرضتم باتباع الشهوات الحيوانية وملازمة الجسمانية الظلمانية عن ادراك تلك اللطائف الروحانية وشهود تلك العواطف الرحمانية واتبعتم مظنونات ظنكم الفاسد وموهومات وهمكم الكاسد واثرتم هوى النفس المشئومة على رضى الحق وذلك هو الخسران المبين وان الظن لايغنى من الحق شيأ انتهى وقال الجنيد قدس سره رأيت سبعين عارفا قد هلكوا بالتوهم اى توهموا انهم عرفوه تعالى فالكل معزولون عن ادراك حقيقة الحق وما ادركوا فهو اقدارهم وجل قدر الحق عن ادراكهم قال تعالى

السابقالتالي
2