الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلاَمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } كرر لإبراز كمال الاعتناء بأمر التوحيد { ٱلْمَلِكُ } المتصرف بالأمر والنهي، أو المالك لجميع الأشياء الذي له التصرف فيها، أو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء ويستحيل عليه الإذلال، أو الذي يولي ويعزل ولا يتصور عليه تولية ولا عزل، أو المنفرد بالعز والسلطان، أو ذو الملك والملك خلقه، أو القادر، أقوال حكاها الآمدي، وحكي الأخير عن القاضي أبـي بكر { ٱلْقُدُّوسُ } البليغ في النزاهة عما يوجب نقصاناً، أو الذي له الكمال في كل وصف اختص به، أو الذي لا يحدّ ولا يتصور.

وقرأ أبو السمال وأبو دينار الأعرابـي { ٱلْقدوسُ } بفتح القاف وهو لغة فيه لكنها نادرة، فقد قالوا: فعول بالضم كثير، وأما بالفتح فيأتي / في الأسماء كسمور وتنور وهبود اسم جبل باليمامة، وأما في الصفات فنادر جداً، ومنه سبوح بفتح السين.

{ ٱلسَّلَـٰمُ } ذو السلامة من كل نقص وآفة، مصدر وصف به للمبالغة، وعن الجبائي هو الذي ترجى منه السلامة، وقيل: أي الذي يسلم على أوليائه فيسلمون من كل مخوف { ٱلْمُؤْمِنُ } قيل: المصدق لنفسه ولرسله عليهم السلام فيما بلغوه عنه سبحانه إما بالقول أو بخلق المعجزة، أو واهب عباده الأمن من الفزع الأكبر أو مؤمنهم منه إما بخلق الطمأنينة في قلوبهم أو بإخبارهم أن لا خوف عليهم، وقيل: مؤمن الخلق من ظلمه، وقال ثعلب: المصدق المؤمنين في أنهم آمنوا، وقال النحاس: في شهادتهم على الناس يوم القيامة؛ وقيل: ذو الأمن من الزوال لاستحالته عليه سبحانه، وقيل: غير ذلك.

وقرأ الإمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم ـ وقيل ـ أبو جعفر المدني { ٱلْمُؤْمِنُ } بفتح الميم على الحذف والإيصال كما في قوله تعالى:وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } [الأعراف: 155] أي المؤمن به. وقال أبو حاتم: لا يجوز إطلاق ذلك عليه تعالى لإيهامه ما لا يليق به سبحانه إذ المؤمن المطلق من كان خائفاً وآمنه غيره، وفيه أنه متى كان ذلك قراءة ولو شاذة لا يصح هذا لأن القراءة ليست بالرأي. { ٱلْمُهَيْمِنُ } الرقيب الحافظ لكل شيء مفيعل من الأمن بقلب همزته هاءاً، وإليه ذهب غير واحد، وتحقيقه كما في «الكشف» أن أيمن على فيعل مبالغة أمن العدو للزيادة في البناء، وإذا قلت: أمن الراعي الذئب على الغنم مثلاً دل على كمال حفظه ورقبته، فالله تعالى أمن كل شيء سواه سبحانه على خلقه وملكه لإحاطة علمه وكمال قدرته عز وجل، ثم استعمل مجرد الدلالة بمعنى الرقيب والحفيظ على الشيء من غير ذكر المفعول بلا واسطة للمبالغة في كمال الحفظ كما قال تعالى:

السابقالتالي
2