الرئيسية - التفاسير


* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ٱلنِّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيۤ أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُوۤاْ عُقْدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَابُ أَجَلَهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }

{ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ٱلنِّسَآءِ } نحو إنك لجميلة، وإنك لصالحة، وإن عزمي لأتزوج، وإن فيك لراغب، ونحو ذلك. مما ليس فيه تصريح ومن ذلك وصف الرجل نفسه وفخره ونسبه كما فعل الباقر مع سكينة بنت حنظلة.

{ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيۤ أَنْفُسِكُمْ } من أمر النكاح فلم تعرضوا به والاجماع على أن لا يجوز التصريح بالتزويج.

{ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ } هذا عذر في التعريض لأن الميل متى حصل في القلب عسر دفعه فأسقط الله الجرح في ذلك. وفيه مع ذلك طرف من التوبيخ وأتى بالسين دلالة على تقارب الزمان بحيث وقع ذلك إثر الانفصال حبالهن من التزوج بالوفاة.

{ وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً } هذا استدراك من الجملة قبله وهي قوله: ستذكرونهن، والذكر يقع على أنحاء فاستدرك فيه وجه نهي فيه عن ذكر مخصوص، ولو لم يستدرك لكان مأذوناً فيه لاندراجه تحت مطلق الذكر الذي أخبر الله بوقوعه. قال الزمخشري رحمه الله تعالى: فإِن قلت: أين المستدرك بقوله: ولكن لا تواعدوهن؟ قلت: هو محذوف لدلالة ستذكرونهن عليه تقديره علم الله أنكم ستذكرونهن فاكروهن ولكن لا تواعدوهن سراً. " انتهى ". وقد ذكرنا أنه لا يحتاج إلى تقدير محذوف قبل لكن بل الاستدراك جاءه من قوله: ستذكرونهن، ولم يأمر الله تعالى بذكر النساء لا على طريق الوجوب ولا الندب، فيحتاج إلى تقدير فاذكروهن على ما قررناه قبل كقولك: سألقاك ولكن لا تخف مني، لما كان اللقاء من بعض أحواله أن يخلف من الملقى استدرك فقال: ولكن لا تخف مني. والسر ضد الجهر ويكنى به عن الجماع حلاله وحرامه لأنه يكون في سر. وبعضهم فسره هنا: بالزنا وهو بعيد فانتصب سراً على أنه مفعول به أو على أنه مصدر في موضع الحال ومفعول تواعدوهن محذوف تقديره أي النكاح.

{ إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } استثناء منقطع وهو ما أبيح من التعريض. (قال) الزمخشري: إلا أن تقولوا قولاً معروفاً وهو أن تعرّضوا ولا تصرحوا. (فإِن قلت): لم يتعلق حرف الاستثناء؟ قلت: بلا تواعدوهن، أي لا تواعدوهن مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة، أو لا تواعدوهن إلا بأن تقولوا، أي لا تواعدوهن إلا بالتعريض. ولا يجوز أن يكون استثناء منقطعاً من سر الادائه إلى قولك: لا تواعدوهن إلا بالتعريض. " انتهى ". كلامه. ويحتاج إلى توضيح وذلك أنه جعله استثناء متصلاً باعتبار أنه استثناء مفرغ وجعل ذلك على وجهين: احدهما أن يكون استثناء من المصدر المحذوف وهو الوجه الأول الذي ذكره وقدره لا تواعدوهن مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة، فكأنّ المعنى: لا تقولوا لهن قولاً تعدونهن به إلا قولاً معروفاً.

السابقالتالي
2