الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }

قوله - عز وجل -: { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } اختلف في تأويله:

قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: " والمحصنات عن النساء إلا ما ملكت أيمانكم " قال: ذات الأزواج من المسلمين والمشركين.

وقال علي - رضي الله عنه -: ذات الأزواج من المشركين.

وذهب عبد الله في تأويل الآية إلى أن بيع الأمة طلاقها؛ فيحل للمشتري وطؤها، وأسر الكتابية والمشركة يحلها لمولاها؛ وإن كان لها زوج في دار الحرب.

وذهب علي - رضي الله عنه - إلى أن الآية نزلت في المشركات.

وعن ابن عباس - رضي الله عنه -: قال: كل ذات زوج إتيانها زنا؛ إلا ما سبيت.

وروي عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: وقعت في سهمي يوم أوطاس جارية، فبينا أنا أسوقها إذ رفعت رأسها إلى الحل فقالت: ذلك زوجي؛ فأنزل الله - سبحانه وتعالى -: { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ... } الآية، قال أبو سعيد - رضي الله عنه -: فاستحللنا فروجهن بها.

بيّن أبو سعيد [الخدري] في حديثه أن الآية نزلت في المشركات ذات الأزواج، وكأن حديثه يقوّي قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ومن وافقه.

وقيل - أيضاً - في تأويل الآية: { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } قال: والمحصنات من النساء حرام على الرجال إلا ما ملكت يمينك، قال: ملك يمينه امرأته.

وعن أبي قلابة قال: ما سبيتم من النساء، إذا سبيت المرأة ولها زوج من قومها، فلا بأس أن يطأها.

وعن ابن عباس - رضي الله عنه -: { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ } قال: لا يحل له أن يتزوج فوق أربع نسوة وما زاد عليهن، فهو عليه حرام كأمه وابنته وأخته: { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } الإماء فإنه على أربع وأكثر من أربع.

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } هنّ نساءكنَّ نُصيبهن، يهاجرن ولا يهاجر أزواجهن، فمنعناهن في هذه الآية، ثم أنزل الله - عز وجل - في الممتحنة:وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } [الممتحنة: 10] حللن لنا بعد أن نتزوجهن، وفيه نهى عن الزنا وأباح التزويج، فجعلوا ملك اليمين التزويج.

وأصح التأويلين وأولاهما بالقبول ما روي عن علي [بن أبي طالب - رضي الله عنه -] وابن عباس - رضي الله عنه - لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وظاهر القرآن يدل على أن ذلك هو الحق؛ لأنّ الله - تعالى - قد فَصل في غير هذا الموضع بين التزويج وملك اليمين، فجعل ملك اليمين الإماء؛ ألا ترى إلى قوله:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8