الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا هُوَ عَلَى ٱلْغَيْبِ بِضَنِينٍ }

{ وما هو } اى رسول الله { على الغيب } اى على ما يخبره من الوحى اليه وغيره من الغيوب { بضنين } اى ببخيل اى لا يبخل بالوحى فيزوى بعضه غير مبلغه ولا يكتمه كما يكتم الكاهن ما عنده حتى يأخذ عليه حلوانا اى اجرة أو يسأل تعليمه فلا يعلمه وفيه اشارة الى ان امساك العلم عن أهله بخل من ضن بالشئ يضن بالفتح ضنا بالكسر وضنانة بالفتح اى بخل فهو ضنين به اى بخيل ويضن بالكسر لغة والفتح افصح ذكره البيهقى فى تهذيب المصادر فى باب ضرب حيث قال الضن والضنانة بخيلى كردن. والغابر يضن والفتح أفصح فيكون من باب علم كما صرح به بعضهم بقوله هو من ضننت بالشئ بكسر النون وهو قرآءة نافع وعاصم وحمزة وابن عامر قال فى النشر كذلك هو فى جميع المصاحف اى المصاحف التى يتداولها الناس والا فهو فى مصحف عبد الله بن مسعود رضى الله عنه بالظاء وقرئ بظنين على انه فعيل بمعنى المفعول اى بمتهم اى هو ثقة فى جميع ما يخبره لا يتوهم فيه انه ينطق عن الهوى من الظنة وهى التهمة واتهمت فلانا بكذا توهمت فيه ذلك اختار أبو عبيدة هذه القرآءة لان الكفار لم يبخلوه وانما اتهموه فنفى التهمة أولى من نفى البخل ولان البخل يتعدى بالباء لا بعلى وفى الكشاف هو فى مصحف عبد الله بالظاء وفى مصحف أبى بالضاد وكان رسول الله عليه السلام يقرأ بهما ولا بد للقارئ من معرفة مخرجى الضاد والظاء فان مخرج الضاد من اصل حافة اللسان وما يليها من الاضراس من يمين اللسان او يساره ومخرج الظاء من طرف اللسان واصول الثايا العليا فان قيل فان وضع المصلى احد الحرفين مكان الآخر قلنا قال فى المحيط البرهانى اذا أتى بالظاء مكان الضاد او على العكس فالقياس أن تفسد صلاته وهو قول عامة المشايخ وقال مشايخنا بعدم الفساد للضرورة فى حق العامة خصوصا العجم فان اكثرهم لا يفرقون بين الحرفين وان فرقوا ففرقا غير صواب وفى الخلاصة لو قرأ بالظاء مكان الضاد او بالضاد مكان الظاء تفسد صلاته عند أبى حنيفة ومحمد واما عند عامة المشايخ كأبى مطيع البلخى ومحمد بن سلمة لا تفسد صلاته.