الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ }

{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ } أي: علامة { مُلْكِهِ } أنه من الله تعالى: { أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ } أي: يردّ الله إليكم التابوت الذي أخذ منكم وهو صندوق التوراة. على ما سنذكره { فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } أي: وقار وجلال وهيبة. أو فيه سكون نفوس بني إسرائيل يتقوون به على الحرب { وَبَقِيَّةٌ } أي: فضلة جملة، ذهب جلُّها { مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ } أي: من آثارهم الفاضلة { تَحْمِلُهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي: في رد التابوت إليكم { لآيَةً لَّكُمْ } أن ملكه من الله تعالى { إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } بآيات الله وأنبيائه.

قال العلامة البقاعيّ عليه الرحمة: التابوت، والله أعلم، الصندوق الذي وضع فيه اللوحان اللذان كتب فيهما العشر الآيات، ويسمى تابوت الشهادة، وكانوا إذا حاربوا حَمَلَهُ جماعة منهم، موظفون لحمله، ويتقدمون به أمام الجيش فيكون ذلك سبب نصرهم. وكان العمالقة أصحاب جالوت لما ظهروا عليهم أخذوه في جملة ما أخذوا من نفائسهم. وكان عهدهم به قد طال. فذكّرهم بمآثره ترغيباً فيه وحملاً على الانقياد لطالوت. فقال: { فِيهِ سَكِينَةٌ... } الآية.

وفي الإصحاح الخامس والعشرين من سفر الخروج ما نصه: (1) وكلّم الرب موسى قائلاً. (2) كلِّم بني إسرائيل أن يأخذوا لي تقدِمة. من كل منَ يحثُه قلبه تأخذون تقدمتي. (3) وهذه هي التقدمة التي تأخذونها منهم. ذهب وفضة ونحاس. (4) وأسما نُجُونِيٌّ وأرجَوَانٌ وقِرمِزْ وبُوصٌ وشَعْرُ مِعْزَى. (5) وجلودُ كباش محمرَّةٌ وجلودُ نخس وخَشَبُ سَنْطٍ. (6) وزيت للمنارة وأطيابٌ لدُهن المَسْحَةِ وللبخور العَطِر. (7) وحجارةُ جَزْعٍ وحجارة ترصيع للرداء والصُّدْرة. (8) فيصنعون لي مُقدِساً لأسكن في وسطهم. (9) بحسب جميع ما أنا أريك من مثال المسكن ومثال جميع آنيته هكذا تصنعون. (10) فتصنعون تابوتاً من خشب السنط طوله ذراعان ونصف وعرض ذراع ونصف، وارتفاعه ذراع ونصف. (11) وتَغَشِّيه بذهب نقيّ من داخل ومن خارج تغشيه. وتصنع عليه إكليلاً من ذهب حواليه. (12) وتسِبك له أربع حلقات من ذهب وتجعلها على قوائمه الأربع. على جانبه الواحد حلقتان. وعلى جانبه الثاني حلقتان. (13) وتصنع عصوين من خشب السنط وتغشيهما بذهب. (14) وتدخل العضوين في الحلقات على جانب التابوت ليُحمل التابوت بهما. (15) تبقي العصوان في حلقات التابوت، لا تنزعان منها. (16) وتضع في التابوت الشهادة التي أعطيك.

وفي الإصحاح الحادي والثلاثين من سفر الخروج: (18) ثم أعطي موسى عند فراغه من الكلام معه من جبل سيناء لَوْحَى الشهادة: لوحي حجر مكتوبين بأصبع الله.

وفي الإصحاح الرابع والثلاثين منه: أن موسى لما كسر اللوحين أمره الله أن ينحت لوحين مثل الأولين، وأمره أن يكتب عليهما كلمات العهد الكلمات العشر. ونصه: (1) ثم قال الرب لموسى: انْحَتْ لك لوحين من حجر مثل الأولين. فأكتب أنا على اللوحين الكلمات التي كانت على اللوحين الأولين اللذين كسرتهما.

وفي حواشي التوراة: أن تابوت الشهادة هو التابوت الذي كان فيه لوحاً الشريعة الإلهية المسماة: شهادة.

وزعموا أن السكينة معربة عن شكينا في اللغة العبرانية. وفي سفر صموئيل من سفر الملوك الأول في الأصحاح الرابع وما بعده نبأ انكسار الإسرائيليين أمام الفلسطينيين وأخذ التابوت من الإسرائيليين وأنه بقي التابوت في بلاد الفلسطينيين سبعة أشهر. في قصص مسهبة.