الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ }

قوله تعالى: { اللهُ لآَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ } الآية. مُخْرَجة مخرج النفي أن يصح إله سوى الله، وحقيقته إثبات إله واحد وهو الله، وتقديره: الله الإله دون غيره.

{ الْحَيُّ } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: أنه سمى نفسه حياً لصَرْفِه الأمور مصارِفها، وتقدير الأشياء مقاديرها، فهو حي بالتقدير لا بحياة.

والثاني: أنه حي بحياة هي له صفة.

والثالث: أنه اسم من أسماء الله تَسَمَّى به، فقلناه تسليماً لأمره. والرابع: أن المراد بالحي الباقي، قاله السدي، ومنه قول لبيد:

إذا ما تَرَيَنِّي اليومَ أصْبَحْتُ سَالِماً   فَلَسْتُ بِأحْيَا مِن كِلابٍ وَجَعْفَرِ
{ الْقَيُّومُ } قرأ عمر بن الخطاب القيام. وفيه ستة تأويلات:

أحدها: القائم بتدبير خلقه، قاله قتادة.

والثاني: يعني القائم على كل نفس بما كسبت، حتى يجازيها بعملها من حيث هو عالم به، لا يخفى عليه شيء منه، قاله الحسن.

والثالث: معنى القائم الوجود، وهو قول سعيد بن جبير.

والرابع: أنه الذي لا يزول ولا يحول، قاله ابن عباس.

والخامس: أنه العالم بالأمور، من قولهم: فلان يقوم بهذا الكتاب، أي هو عالم به.

والسادس: أنه اسم من أسماء الله، مأخوذ من الاستقامة، قال أمية بن أبي الصلت:

لم تُخلَق السماءُ والنجوم   والشمسُ معها قمر يقوم
قدّرهَا المهيمن القيوم   والحشر والجنة والحميم
إلاّ لأمرٍ شأنه عظيم   
{ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ } السِّنةُ: النعاس في قول الجميع، والنعاس ما كان في الرأس، فإذا صار في القلب صار نوماً، وفرَّق المفضل بينهما، فقال: السِّنة في الرأس، والنعاس في العين، والنوم في القلب. وما عليه الجمهور من التسوية بين السِّنة والنعاس أشبه، قال عدي بن الرقاع:

وسْنَانُ أقصده النعاس فرنقت   في عينه سنة وليس بنائم
{ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } فيه وجهان:

أحدهما: ما بين أيديهم: هو ما قبل خلقهم، وما خلفهم: هو ما بعد موتهم.

والثاني: ما بين أيديهم: ما أظهروه، وما خلفهم: ما كتموه.

{ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ } أي من معلومه إلا أن يطلعهم عليه ويعلمهم إياه.

{ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ } في الكرسي قولان:

أحدهما: أنه من صفات الله تعالى.

والثاني: أنه من أوصاف ملكوته.

فإذا قيل إنه من صفات ففيه أربعة أقاويل:

أحدها: أنه علم الله، قاله ابن عباس.

والثاني: أنه قدرة الله.

والثالث: ملك الله.

والرابع: تدبير الله.

وإذا قيل إنه من أوصاف ملكوته ففيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنه العرش، قاله الحسن.

والثاني: أنه سرير دون العرش.

والثالث: هو كرسي تحت العرش، والعرش فوق الماء.

السابقالتالي
2