الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَكُلِي وَٱشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً }

{ فَكُلِي وَٱشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً } أي: بالكمال والولد المبارك الموجود بالقدرة الموهوب بالعناية. قال الزمخشري: أي: جمعنا لك في السري والرطب فائدتين: إحداهما: الأكل والشرب، والثانية: سلوة الصدر؛ لكونهما معجزتين. وهو معنى قوله: { فَكُلِي وَٱشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً } أي: وطيبي نفساً ولا تغتمي. وارفضي عنك ما أحزنك وأهمك { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً } أي: من المحجوبين عن الحقائق بظواهر الأسباب الذين لا يفهمون قولك ولا يصدقون بحالك. لوقوفهم مع العادة واحتجابهم عن نور الحق. فإذا سألوك { فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً } أي: لا تكلميهم في أمرك شيئاً. ولا تمادّيهم فيما لا يمكنهم قبوله وإِنما أمرتْ بذلك لكراهة مجادلة السفهاء، والاكتفاء بكلام عيسى عليه السلام. فإنه نص قاطع في براءة ساحتها، فقوله: { صَوْماً } أي: صمتاً وقوله: { فَلَنْ أُكَلِّمَ } الخ تفسير للنذر بذكر صيغته.