لما اعتقدوا في الأصنام أنها تشفع لهم عند الله، وقال:{ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ.. } [الزمر: 3] فردّ الله عليهم بما يُبيِّن بطلان اعتقادهم، فكيف تنتظرون شفاعة الأصنام عند الله، والملائكة المقربون والعباد المكرمون عنده سبحانه ليس لهم شفاعة إلا بإذنه سبحانه. قوله تعالى: { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ.. } [النجم: 26] أي: كثير من الملائكة، فكم هنا خبرية تفيد الكثرة، لأنها تسأل عن عدد لا حصر له { لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ } [النجم: 26]. إذن: هنا شرطان لقبول شفاعة الملائكة، الشرط الأول: أنْ يأذن الله للملَك أنْ يشفع، الثاني: أنْ يرضى عن المشفوع له، ولا يرضى الله إلا عن أهل التوحيد الخالص، فهذه كرامة للشافع، وكرامة للمشفوع فيه. يقول تعالى في آية الكرسي{ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ.. } [البقرة: 255]. فإذا كان هذا حال الملائكة في قبول الشفاعة وهم عباد مُكرمون لا يسبقونه بالقول، وهم بأمره يعملون، وقال عنهم{ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6] فكيف إذن بشفاعة الأصنام؟ ونلاحظ على الأداء القرآني في هذه الآية أن كلمة { مَّلَكٍ.. } [النجم: 26] جاءت بصيغة المفرد، ثم أخبر عن المفرد بصيغة الجمع، فقال { لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ.. } [النجم: 26] ولم يقل شفاعته. قالوا: لأن كم الخبرية تفيد الكثرة، فلما اجتمعت مع المفرد أعطتْه معنى الجمع، فالمعنى { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ.. } [النجم: 26] كثير من الملائكة، والمناسب أن يقول شفاعتهم، بصيغة الجمع.