الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ }

قوله تعالى: { قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ }: فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه مبتدأٌ وساغَ الابتداءُ بالنكرةِ لوصفِها وللعطفِ عليها. و " مغفرةٌ " عَطْفٌ عليه، وسَوَّغَ الابتداءَ بها العطفُ أو الصفةُ المقدَّرَةُ، إذ التقديرُ: ومغفرةٌ من السائلِ أو من اللِّهِ. و " خيرٌ " خبرٌ عنهما. [وقال أبو البقاء في هذا الوجهِ: " والتقديرُ: وسببُ مغفرة]، لأنَّ المغفرةَ من الله تعالى، فلا تفاضُلَ بينها وبين فعلِ العبدِ، ويجوزُ أن تكونَ المغفرةُ مجاوزَةَ المزكِّي واحتمالَه للفقيرِ، فلا يكونُ فيه حذفُ مضافٍ ".

والثاني: أنَّ " قولٌ معروفٌ " مبتدأٌ وخبرُهُ محذوفٌ أي: أمثلُ أو أَوْلَى بكم، و " مغفرةٌ " مبتدأٌ، و " خيرٌ " خبرُها، فهما جملتان، ذَكَرَهُ المهدويّ وغيرُهُ. قال ابن عطية: " وهذا ذهابٌ برونقِ المعنى ". والثالث: أنه خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ تقديرُهُ: المأمورُ به قولٌ معروفٌ.

قوله: { يَتْبَعُهَآ أَذًى } في محلِّ جرٍّ صفةً لصدقة، ولم يُعِدْ ذِكْرِ المَنِّ فيقولُ: يتبَعُها مَنٌّ وأذى، لأنَّ الأذى يشملُ المنَّ وغيرَه، وإنَّما ذُكِرَ بالتنصيصِ في قولِهِ: { لاَ يُتْبِعُونَ مَآ أَنْفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى } لكثرةِ وقوعِهِ من المتصدِّقين وعُسْرِ تحَفُّظِهِمْ منه، ولذلك قُدِّمَ على الأذى.