الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }

{ ٱلشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ } اى يعدكم الى قطع الرجاء عن الله تعالى فى ايتيان نواله منه وايضاً نعدكم الى قلة الطمانينة وكثرة الشك فيما وعد الله تعالى لعباده من نفائس الالطاف وجميع الاقسام التى هي سبب حياة العباد فى الدنيا والاخرة وايضاً يعدكم الى ظنون شتى فى الله تعالى وهذا من قلة عرفان الحق والجهل بسلطانه لان القاء العدو يهيج سر العبد الى الشك فى الله وفيما وعد لعباده ويلجيه الى التحير حتى يظن ان الحق سبحانه وتعالى عاجز فقير كما قال اليهود ان الله فقير ونحن اغنياء وهذا من وسوسة العدو ويسولهم باحراز العلوم والخوف من المعدوم والجمع والمنع وكثرة التهمة ودفع الصدقة والفرار من القناعة ومن الغنى بالكفاية واغترهم بالشروع فى طلب الزيادة { وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ } اى البخل وسوء الظن فى الله وحب الدنيا وبغض الموت وعمارة الضياع والعقار وطلب الزيادة وبغض الفقر الفقراء ومنع الزكاة وما اوجب الله تعالى عليهم من الحج والجهاد وزينتهم حب الرياسة وطلب نسوان المسلمين لاجل الزنا وشرب الخمور وسماع المعارف والتكبر والتجبر على الضعفاء والمساكين والجور والظلم والعناد وقلة الانصاف واتخاذ الارباب لحفظ الاموال واشباه ذلك من الامور الردية الفاحشة { وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً } مغفرته تطهر قلوب الاشحياء من اوساخ الشح والفاحشة وحفظها عن الميل الى حب الدنيا وما فيها وفضله مشاهدته وقربته ومعرفته وتوحيده وكشف اسراره لهؤلاء العباد الذين اصطفاهم لمحبته وخصائص مناجاته وخطابه وخدمته وايضا المغفرة طمانية النفس بكشف اليقين والفضل الرضا بحكم الازل وايضا المغفرة عن الكون والفضل الوصول بلا وحشة البون وقيل يعدكم الفقر بنسيان ما تعود به من فضله وقيل انه يعدكم الفقر في طلب فوق الكفاية فيكون عبده ومشتغلا به فيردك عن غناء الكفاية الى طلب الزيادة وهو الفقر الحاضر وقيل الشيطان يعدكم الفقر الا الحرص والله يأمركم بالقناعة قال ابو عثمان الشيطان يعدكم الفقر على ترك الدنيا والاعراض عنها والله يعدكم على ذلك مغفرة منه وفضلاً قال محمد بن على الشيطان يعدكم الفقر لفقره ويأمركم بالفحشاء وهو عمارة داره والله يعدكم مغفرة منه وهو جزاء عمارة الماب وفضله وهو استغناؤه عن كل ما سواه قال بعضهم الشيطان يعدكم الفقر تحذيرا للموحدين لا تفريغا للكافرين لان الشيطان لا يدعوا احدا الى معصيته ولا يزينها له حتى يعده الفقر فاذا خاف العبد الفقر دعاه الى المعصية فاذا استحل المعصية دعاه الى النفاق فاذا استحل النفاق دعاه الى الكفر ولا يستخاف الفقر الا من نسى القسمة ولا نسى القسمة من عرف الله الذى قسم لعباده ما اراد بمشيئته واصل المعاصى ايقاد الشهوات واصل النفاق التزيين للخلق واصل الكفر منازعة القدرة وقال سهل الفقر ان تأخذ شيئا من غير وجهه ويضعه فى غير حقه.