الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ والذين كسبوا السيآت } اى ارتكبوا الشرك والمعاصى وهو مبتدأ بتقدير المضاف خبره قوله تعالى { جزاء سيئة بمثلها } والجزاء مصدر من المبنى للمفعول والباء فى بمثلها متعلقة بجزاء. والمعنى وجزاء الذين كسبوا السيآت ان يجازى سيئة واحدة بسيئة مثلها لا يزاد عليها كما يزداد فى الحسنة. قال فى الكشاف فى هذا دليل على ان المراد بالزيادة الفضل لانه دل بترك الزيادة على السيئة على عدله ودل ثمة باثبات الزيادة على المثوبة على فضله انتهى. يقول الفقير تبعه على هذا جمهور المفسرين ولكن تفسير رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كما سبق احق بان يتبع ويرجح ويقدم على الكل ولا مانع من ان يراد بالزيادة الفضل واللقاء فان اللقاء الذى هو افضل الكرامات اذا حصل فلأن يحصل ما هو دونه من الفضل والتضعيف اظهر { وترهقهم } وببوشد ايشانرا اذا عاينوا النار { ذلة } خوارى ورسوايى يعنى آثار مذلت برايشان هويدا كردد وفى اسناد الرهق الى انفسهم دون وجوههم ايذان بانها محيطة بهم غاشية لهم جميعا { ما لهم من الله من عاصم } اى لا يعصمهم احد من سخطه تعالى وعذابه ولا يمنعه { كأنما اغشيت } البست. وبالفارسية كوبيا بوشيده شده است { وجوههم قطعا من الليل } لفرط سوادها وظلمتها { مظلما } حال من الليل والعامل فيه معنى الفعل اى قطعت كائنة من الليل فى حال كونه مظلما يعنى سياه كردد رويهاى ايشان ازغم واندوه جون شب تيره وقطعا بفتح الطاء جمع قطعة مفعول ثان لأغشيت وقرئ قطعا بسكون الطاء وهو اسم مفرد للشيء المقطوع فحينئذ يصح ان يكون مظلما صفة له لتطابقهما فى الافراد والتذكير { اولئك } آن كروه كه كاسب سيآتند يعنى مشركان ومنافقان { اصحاب النار هم فيها خالدون } اعلم ان دخول الجنة برحمة الله تعالى وقسمة الدرجات بالاعمال والخلود بالنيات فهذه ثلاثة مقامات وكذلك فى دار الشقاوة دخول اهلها فيها بعدل الله وطبقات عذابها بالاعمال وخلودهم بالنيات. يعنى ان المؤمن لما كانت نيته فى الدنيا ان يعبد الله ابدا ما عاش وكذا الكافر لما كانت نيته عبادة الاصنام ابدا ما عاش جوزى كل احد بتأبيد النية واصل ما استوجبوا به هذا العذاب المؤبد المخالفة كما كانت فى السعادة الموافقة وكذلك من دخل من العاصين النار لولا المخالفة ما عذبهم الله شرعا نسال الله لنا ولك وللمسلمين ان يستعملنا بصالح الاعمال ويرزقنا الحياء منه تعالى. قال ابو العباس الاقليشى لم اجد فى مقدار بقاء العصاة فى النار حدا فى صحيح الآثار غير ان الغزالى ذكر فى الاحياء حال عصاة الموحدين فقال ان بقاء العاصى فى النار لحظة واكثره سبعة آلاف عام لما ورد به الاخبار انتهى.

السابقالتالي
2