الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءْيَا بِٱلْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً }

{ لقد صدق الله رسوله الرؤيا } صدق يتعدى الى مفعولين الى الاول بنفسه والى الثانى بحرف الجر يقال صدقك فى كذا اى ما كذبك فيه وقد يحذف الجار ويوصل الفعل كما فى هذه الآية اى صدقه عليه السلام فى رؤياه وتحقيقه اراء الرؤيا الصادقة وهى ما سبق فى اول السورة من انه عليه السلام رأى قبل خروجه الى الحديبية كأنه واصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد حلقوا رؤسهم وقصروا فقص الرؤيا على اصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا انهم داخلوها فى عامهم هذا فلما تأخر ذلك قال بعض المنافقين والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام فنزلت وهو دليل قاطع على ان الرؤيا حق وليس بباطل كما زعم جمهور المتكلمين والمعتزلة فتبالهم كما فى بحر العلوم قالوا ان خلت الرؤيا عن حديث النفس وكان هيئة الدماغ صحيحة والمزاج مستقيما كانت رؤيا من الله مثل رؤيا الانبياء والاولياء والصلحاء وفى الحديث " الرؤيا الصالحة جزء من ستة واربعين جزأ من النبوة " { بالحق } اى صدقا ملتبسا بالغرض الصحيح والحكمة البالغة التى هى التمييز بين الراسخ فى الايمان والمتزلزل فيه او حال كون تلك الرؤيا ملتبسة بالحق ليست من قبيل اضغاث الاحلام لان ما رآه كائن لا محالة فى وقته المقدر له وهو العام القابل وقد جوز ان يكون قسماً بالحق الذى هو من اسماء الله او بنقيض الباطل وقوله { لتدخلن المسجد الحرام } جواب وهو على الاولين جواب قسم محذوف اى والله لتدخلنه فى العام الثانى { ان شاء الله } تعليق للعدة بالمشيئة لتعليم العباد لكى يقولوا فى عداتهم مثل ذلك لا لكونه تعالى شاكا فى وقوع الموعود فانه منزه عن ذلك وهذا معنى ما قال ثعلب استثنى الله فيما يعلم ليستثنى الخلق فيما لا يعلمون وفيه ايضا تعريض بأن دخولهم مبنى على مشيئته تعالى ذلك لا على جلادتهم وقوتهم كما قال فى الكواشى استثنى اعلاما انه لا فعال الا الله انتهى او للاشعار بأن بعضهم لا يدخلونه لموت او غيبة او غير ذلك فكلمة ان للتشكيك لا للشك وقال الحدادى الاستثناء قد يذكر للتحقيق تبركا كقولهم قد غفر الله لك ان شاء الله ولا تعلق لمن يصحح الايمان بالاستثناء لانه خبر عن الحال فالاستثناء فيه محال كما فى عين المعانى وروى ان النبى عليه السلام كان اذا دخل المقابر يقول " السلام عليكم اهل القبور وانا ان شاء الله بكم لا حقون " فيستثنى على وجه التبرك وان كان اللحوق مقطوعا به وقيل معناه لا حقون بكم فى الوفاة على الايمان فان شرطية ويمكن ان يقال تعليق اللحوق بالمشيئة بناء على ان اللحوق بخصوص المخاطبين ويتحصل من هذا ان الاستثناء من الامن لا من الدخول لان الدخول مقطوع.

السابقالتالي
2 3 4