الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ يَتُوبُ ٱللَّهُ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ ثم يتوب الله من بعد ذلك } از بس اين جنك { على من يشاء } ان يتوب عليه منهم لحكمة تقتضيه اى يوفقه للاسلام { والله غفور } يتجاوز يتجاوز وزعما سلف منهم من الكفر والمعاصى { رحيم } يتفضل عليهم ويثيبهم - روى - ان ناسا منهم جاؤا رسول الله وبايعوه على الاسلام وقالوا يا رسول الله انت خير الناس وابر الناس وقد سبى اهلونا واولادنا واخذت اموالنا فقال عليه السلام " ان عندى ما ترون ان خير القول اصدقه اختاروا اما ذراريكم ونساءكم واما اموالكم " قالوا ما كنا نعدل بالاحساب شيئاً هو جمع حسب وهو ما يعد من المفاخر كنوا بهذا القول عن اختيار ما سبى منهم من الذرارى والنسوان على استرجاع الاموال فان ترك الذرارى والنسوان فى ذل الاسر واختيار استرجاع الاموال عليها يفضى الى الطعن فى احسابهم وينافى المروءة فقام النبى عليه السلام فقال " ان هؤلاء جاؤنا مسلمين وانا خيرناهم بين الذرارى والاموال فلم يعدلوا بالاحساب شيئاً فمن كان بيده سبى وطابت نفسه ان يرد فشأنه " اى فيلزم شأنه " وليفعل ما طاب له ومن لا فليعطنا وليكن قرضا علينا حتى نصيب شيئاً فنعطيه مكانه " قالوا رضينا وسلمنا فقال عليه السلام " انا لا ندرى لعل فيكم من لا يرضى فمروا عرفاءكم فليرفعوا ذلك الينا " فرفعت اليه العرفان انهم قد رضوا ثم قال صلى الله تعالى عليه وسلم " لوفد هوازن ما فعل مالك بن عوف "قالوا يا رسول الله هرب فلحق بحصن الطائف مع ثقيف فقال صلى الله عليه وسلم " اخبروه انه ان اتانى مسلما رددت عليه اهله وماله واعطيته مائة من الابل " فلما بلغ هذا الخبر نزل من الحصن مستخفيا خوفا ان تحبسه ثقيف اذا علموا الحال وركب فرسه وركضه حتى اتى الدهناء محلا معروفا وركب راحلته ولحق برسول الله فادركه بالجعرانة واسلم فرد عليه اهله وماله واستعمله عليه السلام على من اسلم من هوازن وكان مالك بن عوف بعد ذلك ممن افتتح عامة الشأم. ثم فى القصة اشارات. منها ان عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تلك الواقعة كانوا فى غاية الكثرة والقوة فلما اعجبوا بكثرتهم صاروا منهزمين فلما تضرعوا فى حال الانهزام الى الله تعالى قواهم حتى انهزموا عسكر الكفار وذلك يدل على ان الانسان متى اعتمد على الدنيا فاته الدين ومتى اطاع الله ورجح الدين على الدنيا اتاه الله الدين والدنيا على احسن الوجوه. وكما ان اكثر الاسباب الصورية وان كان مدارا للفتح للصورى لكنه فى الحقيقة لا يحصل الا بمحض فضل الله. فكذا كثرة الاعمال والطاعات وان كانت سببا للفتح المعنوى لكنه فى الحقيقة ايضا لا يحصل الا بخصوص هداية الله تعالى فلا بد من العجر والافتقار والتضرع الىالله الغفار قال الحافظ

السابقالتالي
2