الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }

{ ثُمَّ قَفَيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا } ارسلنا رسولا بعد رسول، والهاء لنوح وابراهيم ومن أرسل إليهما ومن عاصرهما من الرسل لا للذرية لأن الرسل المقفى بهم من الذرية، والقففية الاتيان بشيء في قفى الآخر وبعده. { وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَريَمَ } آخر من قبله وانت بعده يا محمد { وآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ } وقرأ الحسن لفتح همزته وليس بشاذ لانه اعجمي بخلاف البرطيل في لغة فتح الباء لا في كفة كسرها وهو حجر مستطيل شبه رأس الناقة. { وَجَعَلْنَا فِى قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً } وقرىء رأفة براء فهمزة فألف { وَرَحْمَةً } فيما بينهم كقوله سبحانه في صفة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رحماء بنيهم. { وَرَهْبَانِيَّةً } كأنه نسب إلى رهبان بالضم جمع راهب كراكب وركبان أي وكونهم رهبانا وقرىء بفتح الراء نسبا الى رهبان بفتحها وهو المبالغ في الخوف من رهب كالخشيان من خشي لكثير الخشية والمراد شدة الخوف والمبالغة في العبادات والرياضة والانقطاع عن الناس وترك النساء ترهبوا في الجبل فارين من الفتنة في الدين مخلصين انفسهم للعبادة وذلك ان الجبابرة ظهروا على المؤمنين بعد رفع عيسى وقاتلوهم ثلاث مرات فقتلوا حتى لم يبق منهم إلا القليل فخافوا ان يفتنوا في دينهم فاختاروا الرهبانية والنصف عطف على رأفة أو رحمة. { ابْتَدَعُوهَا } نعت لها أو النصب على الاشتغال { مَا كَتَبْنَاهَا } ما فرضناها { عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ } استثناء منقطع أي ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله أو متصل فإن ما كتبناها عليهم بمعنى ما تعبدناهم بها وقيل مفعول لاجله وهو ظاهر قول مجاهد وهو ضعيف وقرأ ابن مسعود لكن ابتدعوها قال الحسن فرضها الله عليهم حين احدثوها. { فَمَا رَعَوْهَا } أي فما راعوا جميعا { حَقَّ رِعَايَتِهَا } كما يجب على الناذر رعاية نذره لانه عهد لله لا يحل نكثه بل ضيعوها وقالوا بالتثليث وقصدوا السمعة وكفروا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين ادركوه وكفر بعضهم بعيسى ودخل في دين ملكهم وبقى بعض على دين عيسى عليه السلام وادرك النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به والواو عند ابن زيد وغيره للذين ابتدعوها وعند الضحاك للأخلاف الذين جاءوا بعدهم " قال صلى الله عليه وسلم لبلال بن الحارث " اعلم " قال ما أعلم يا رسول الله قال " اعلم يا بلال " قال ما اعلم يا رسول الله قال " انه من أحيا سنة من سنتي قد امتيت بعدي فإن له من الاجر مثل من عمل بها من غير ان يقنص من أجورهم شيئا ومن ابتدع ضلالة كان له مثل آثام من عمل بها لا ينقص من وزرهم شيء " ، وقال " لكل امة رهبانية ورهبانية أمتي الجهاد ".

السابقالتالي
2